بسم الله الرحمن الرحيم
عادة ما تكون حياة المبلّغ ومسيرته التبليغية محفوفة بكثير من المشاغل والأعمال والأنشطة التي تملأ أغلب وقته. فالمبلّغ عليه التنقل من محفل إلى آخر ليعظ الناس ويرشدهم، وهو قد يكون خطيب جمعة ومعلِّماً في المساجد. هذا إضافة إلى تواجده في غرف التدريس في الحوزة أو المعهد حيث من المفترض أن يبقى على تماس مع المواد الحوزوية درساً وتدريساً. وقد يكون المبلّغ ممن يمارسون الكتابة والتأليف ويرفدون المجلات والمنشورات بالمقالات والأبحاث.. هذا عدا عن مشاغل السفر التبليغية أو طلبات حل الخلافات الإجتماعية أو عقد القران وغير ذلك.. ولا ننسى أيضاً أن لجسد المبلّغ عليه حقاً.. فينبغي عليه أن لا يهمل أخذ قسط من الراحة خلال اليوم، وعدم التفريط بالراحة الأسبوعية التي توفرها له عطلة نهاية الأسبوع.
إذن، المبلّغ الحقيقي هو شخص يمتلئ برنامجه اليومي بالكثير من المشاغل والمهمات، فيصعب عليه في كثير من الأحيان الالتزام بأمور أخرى خارج الأولويات السابقة. وبالتالي عليه أن يسرق متناثرات الدقائق التي تسنح له بين مهمة وأخرى إذا أراد إدخال إلتزام محدد إلى مسيرته.
وهذا ما يجعلنا ندخل إلى صلب موضوعنا في هذه المقالة، حيث ذكر علماء الإدارة والتنمية الذاتية قاعدة تسمى بقاعدة الـ 15 دقيقة.
تنص هذه القاعدة على أن غالب الناس يستطيع القيام بأي شئ إذا كان ذلك الشئ سيستغرق 15 دقيقة فقط، والنتيجة الحتمية لذلك هي أنك إذا استطعت إقناع نفسك بقضاء 15 دقيقة في القيام بشئ ما، قد تصل للمرحلة التي أطلق عليها أحد الأدباء – في سياق مختلف – مسمى "نقطة التلاشي". بعد مرور 15 دقيقة، ستشعر إما بتقدم أو رغبة في التوقف، مدركاً أنك قد أحرزت تقدماً هائلاً ويمكنك العودة إلى المهمة بدون الاضطرار إلى رشوة نفسك أو تهديدها.
هناك اقتراح آخر مرتبط بهذا الأمر، وهو أن تقوم بتطبيق هذه القاعدة الآن، فهي تتناسب بشكل تام مع المهام الروتينية الضخمة التي يشتمل عليها يومك. بعض المهام يمكن إنجازها تماماً في 15 دقيقة، وقد تبدو المهام الضخمة بسيطة بعد التعامل مع أحد عناصرها لمدة 15 دقيقة.
البداية هي أصعب ما في الامر. يقال إن أحد الكتّاب قد صرح بالآتي: "سر التقدم يكمن في البداية"؛ بمعنى أنه إذا بدت البداية كمشروع ضخم ومعقد وسيستغرق أياماً طويلة، فإنك لن ترغب في البدء، لكن إذا بدت كأنها 15 دقيقة، فإنك سترغب في أخذ هذه الخطوة. بمجرد أن تقتنع بهذه الفكرة، إبدأ بتنفيذها، فالانتظار لن يفيد، وغالباً ما تتفاقم المهام وتزيد خطورتها بمرور الوقت 1.
من هنا، يستطيع المبلّغ أن يدخل مشروع مراجعة العديد من الكتب الدراسية المهمة إلى حياته من خلال تطبيق هذه القاعدة. مثلاً، يمكن للمبلغ أن يكرس 15 دقيقة يومياً لمراجعة الرسالة العملية وضبط إجادته لمسائلها. صحيح أن 15 دقيقة هي قليلة أمام كتاب مليئ بالمسائل. ولكن تراكم الإنجازات الصغيرة سوف ينتج إنجازاً كبيراً بعد مدة من الزمن. وهذا العمل أفضل بكثير من البحث عن ساعة كاملة للمراجعة فلا نجدها، أو لا نستطيع الاستمرار عليها.
وكمثال آخر: الكتابة والتأليف. فهذه العادة يجب أن يصرّ المبلّغ على ممارستها دائماً.. والالتزام ولو بكتابة بضعة أسطر يومياً يخلق كاتباً بعد سنة او سنتين.
ومثال ثالث: مراجعة كتب اللغة والنحو والقواميس..
فإذن القائمة تطول، وعلى المبلّغ أن يبحث بنفسه عن هذه الاحتياجات التي يريد أن ينجزها ويمكن إدخالها في مشروع 15 دقيقة يومياً.
فرع إعداد المواد في موقع المنبر
1-راجع كتاب: فن تنظيم كل شئ، روزالي ماجيو – بتصرّف.