بسم الله الرحمن الرحيم
هناك مجموعة من الأمور المؤثرة على مستوى التقسيم والتنظيم من جملتها: الخط الواضح، الشكل الجميل، استعمال ألوان متعددة ومألوفة لدى العين. استعمال عناوين ذات معنى، وقصيرة وجميلة ومتناسبة مع المضمون، أعمال الذوق الإبداعي، امتلاك نوع من الصبر والدقة. ولعل من أهم الأمور التي نحتاج إليها في تقسيم وتنظيم الدرس، بالأخص درس الأحكام حيث نفتقد له، ألا وهو امتلاك الأسلوب الصحيح لتقسيم الأحكام، وفيما يلي نوضح الأصول الأربعة لهذا العمل:
أ- امتلاك محور وأساس واحد في التقسيم:
لعل من الأصول الهامة والأساسية في تقسيم الأحكام وكافة الموضوعات وحدة المحور وأساس التقسيم. مثال ذلك يتحدث البعض حول أنواع وسائل التيمم ويقول:
أنواع وسائل التيمم:
1- التراب.
2- الحصى.
3- الطين.
4- الآجر.
5- الحجر إذا كانت طاهرة.
في الواقع فإن هذا التقسيم غير صحيح. لأن «وسائل التيمم» قد اختلطت بواحد من الشروط الثلاث لوسائل التيمم، المباح والطاهر والخالص. لذلك يجب حذف قيد «إذا كانت طاهرة» والحديث ضمن تقسيم آخر وحول شروط وسائل التيمم، والقول:
شروط وسائل التيمم
1- الطهارة.
2- الإباحة.
3- الخلوص.
ب- يجب أن تكون أقسام التقسيم متباينة فيما بينها وغير متداخلة:
مثال ذلك: من غير الصحيح تقسيم الناس إلى متعلمين وأُميين وفقراء، لأن الفقراء قد يكونوا من جملة المتعلمين أو الأميين. وبالتالي لا يوجد تباين بين هذه الأقسام أي هناك تداخل فيما بينها.
ويتحدث البعض أيضاً حول الأمور التي لا يصح السجود عليها ويقول:
الأمور التي لا يصح السجود عليها:
1- المواد المأكولة.
2- الألبسة.
3- المعادن.
4- الأدوية المأكولة التي تنبت من الأرض كوردة لسان الثور.
هذا التقسيم غير صحيح أيضاً، لأن القسم الرابع لا يباين الأول حيث يجب أن يكون الأول متضمناً للرابع.
مثال آخر: يقسم البعض رأي المجتهد إلى:
1- الحكم.
2- الفتوى.
3- الاحتياط الواجب.
4- الاحتياط المستحب.
وهنا نلاحظ أن القسم الرابع لا يباين الثالث ضمن هذا المقسم وبهذه الحيثية، فهو تقسيم غير صحيح، وأما الشكل الصحيح لهذا التقسيم فعلى النحو التالي:
أقسام رأي المجتهد:
1- الحكم.
2- الفتوى.
3 – الاحتياط:
ألف- الاحتياط الواجب.
ب- الاحتياط المستحب.
ج- يجب أن يكون التقسيم جامعاً لأفراده ومانعاً للأغيار:
لا يمكن على سبيل المثال تقسيم الإنسان- من حيث لون البشرة- إلى الأسود والأبيض والأحمر والفقير، لأن محور التقسيم هنا هو لون البشرة وليس الوضع الاقتصادي. لذلك نرى أن هذا التقسيم لم يشتمل على الإنسان ذو اللون الأصفر ولم يخرج الفقير الذي هو من الأغيار.
مثال ذلك: يقول البعض حول الاختلاف بين الغسل الترتيبي والارتماسي:
- اختلاف الغسل الترتيبي من الارتماسي:
* في الغسل الارتماسي يجب أن يكون كامل البدن طاهراً قبل الغسل، وذلك خلافاً للغسل الترتيبي حيث يمكن غسل العضو المتنجس قبل غسله وليس من الضروري في الترتيبي أن يكون البدن طاهراً بأكمله.
* تجب الموالاة في الغسل الارتماسي ولا تجب في الترتيبي.
وهذا التقسيم غير صحيح أيضاً، لأنه ليس جامعاً لأفراده، حيث يوجد اختلاف آخر لم يذكره التقسيم المتقدم، وهو عبارة عن وجوب رعاية الترتيب في الغسل الترتيبي حيث يجب الشروع من الرأس والرقبة ومن ثم الجانب الأيمن للبدن وبعد ذلك الجانب الأيسر بينما لا يجب رعاية الترتيب في الارتماسي.
د- يجب أن يحمل تقسيم كل شيء فائدة معينة في موضوعه:
مثال ذلك: قد يكون تقسيم الماء إلى هيدروجين وأوكسجين مفيداً في علم الكيمياء ولكنه غير مفيد في علم التاريخ. وتقسيم الفعل الماضي إلى مفتوح العين ومكسور العين ومضمون العين مفيد في علم الصرف، لكنه غير مفيد في علم النحو.
وهكذا يجب رعاية وجود الفائدة في تقسيم المسائل الشرعية والأحكام الفقهية. ومن هنا نرى البعض يعمد إلى تقسيم المسائل الشرعية إلى أقسام جزئية ومعقدة بحيث تؤدي بالقارىء إلى عدم الفهم بدل أن تساعده في الفهم والإدراك الصحيح، وهذه مسألة هامة يجب أن يلتفت إليها الأساتذة الأعزاء.
* مهدي فاطمي