بسم الله الرحمن الرحيم
إن الاخلاص الكامل والابتعاد عن الرياء والتظاهر وعدم الالتفات إلى المسائل المادية
من أهم أركان قراءة العزاء وذكر مصائب أهل البيت (عليهم السلام). والقارئ العارف
البصير هو الذي يتخذ الاخلاص وسيلته لتحصيل رضى الله تعالى والأئمة المعصومين (عليهم
السلام). وإذا فقد الاخلاص فلن يترك ذكر المصائب أي أثر على قلوب الناس وبالتالي لن
يترتب عليه أي أثر. يقول العلامة نوري الطبرسي في هذا الخصوص: "يجب أن يعلم
قارئي العزاء والمراثي أن هذه العبادة ليست كسائر العبادات، وأن هذا العمل يصبح
عبادة إذا كان الشخص يقوم به طلباً لرضى الله تعالى ورضى الرسول (ص) وأئمة الهدى
(ع)... وهذا بمنزلة الدرجة الأولى للمنبر التي إن قطعها أمكنه الوقوف، لذلك على
القارئ أن ينسى الجميع إلا الله تعالى وخلفاءه؛ النبي والأئمة المعصومون (صلوات
الله عليهم أجمعين)، عليه أن لا يرى أحداً، والأولى من ذلك أن لا يرتقي المنبر لأجل
قلب فلان أو ماله..."1.
ويتحدث العلامة النوري حول آفات وعوارض الرياء والتظاهر بذكر المصيبة ويقول: "لو
أزله الشيطان عن تلك المرتبة وإذا أوقعه هوى النفس في شرك الدنيا الملوث وصعد
المنبر لأجل تحصيل المال، وخداع النفس أو نشر الفضل والكمال في الأقطار والأمصار
والبلاد والوصول إلى محاسن قوله في أسماع العباد، فقد أوقع نفسه في مهالك عظيمة لا
يرجى النجاة منها وحرم نفسه من الفيوضات والثواب المعد لهذه الطائفة..."2.
رعاية الأدب واحترام أهل البيت (عليهم السلام)
من المسائل التي يجب الالتفات إليها عند ذكر مصائب أهل البيت (عليهم السلام)، رعاية
الأدب في الحديث، الدقة في استعمال الكلمات المحترمة، والابتعاد عن استعمال الكلمات
التي ليست في شأن الأئمة (عليهم السلام) والابتعاد عن الهتك.. يقول آية الحق السيد
زين الدين الطباطبائي: "لا تذكر ما من شأنه الهتك عند قراءة المصائب حتى لو
ذكرته كافة المقاتل بل اعمل بهدف أن يستفيد الناس منك بأدب كامل و... وقد شاهدت
الكثير من قارئي المصيبة الذين لا يتورعون عن الهتك من على المنابر فابتلاهم الله
وأصبحوا صغاراً في أعين الحاضرين"3.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض قارئي العزاء يستعملون بعض الكلمات التي تحمل نوعاً من
التحقير وتصغير بعض التضحيات في كربلاء من دون أن يدركوا ذلك وهذا يدل على ضعفهم
وعجزهم. وهؤلاء وبدل أن يتحدثوا حول عاشوراء ورجالها نراهم يستحضرون بعض القصص
والوقائع الضعيفة فيظهر عجزهم.
يقول الشهيد مطهري في هذا الخصوص: "يجب أن تقترن المراثي دوماً بالملاحم. وعندما
يقولون يجب الحفاظ على رثاء الحسين بن علي (ع) فهذه حقيقة أوصى بها الرسول الأكرم
(ص) والأئمة الأطهار (ع). لا ينبغي نسيان هذا الرثاء والمصيبة... ولكن هذا الرثاء
هو رثاءُ بطلٍ. وعلى هذا الأساس يجب أن تتضح بطولته أولاً ثم بعد ذلك ابكوا في
رثائه"4.
ويقول المرحوم المحدث القمي: لا تتحدثوا بما من شأنه التقليل من مقام الإمام الحسين
(ع) وأهل بيته. لأنه كان سيد العظماء وصاحب الغيرة وقد ارتضى السيف على الذل حيث
نادى في كربلاء بأعلى صوته: "ألا وإن الدعي وابن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين
السلة والذلة وهيهات منا الذلة يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون"5.
* رحيم كاركر
1- لؤلؤ ومرجان، ص14.
2- المصدر نفسه، ص14 ـ 15.
3- برنامج السلوك، ص242.
4- الملحمة الحسينية، ج1،ص127.
5- اللهوف، ص86.