بسم الله الرحمن الرحيم
من الشروط المذكورة لقراءة المجالس والمصائب، مشاركة قراء العزاء في مجالس العزاء
من دون تبعيض وتكبر، وتلبية دعوة المشاركة من أي مكان أتت فلا يفرقون بين الغني
والفقير والعجوز والشاب...
يقول المرحوم السيد زين الدين الطباطبائي: "لا تكن متكبراً في قراءة المراثي...
فلبي دعوة المكان الذي تدعى إليه ولو كان منزل امرأة عجوز أو فقير ليس فيه مستمع"1.
يتحدث المرحوم راشد حول والده العالم التقي الآخوند الملا عباس التربتي، قال: "كان
والدي يلبي الدعوة لقراءة المجالس من أي مكان جاءت سواء جاءت من خان الولاية أو من
عجوز فقيرة تسكن عرزالاً، كان يلبي الدعوة ويعتبر ذلك واجباً عليه كالصلاة، لذلك
كان يحضر ويقوم بالوعظ قدر استطاعته..."2.
وقيل حول أحوال آية الله معصومي الهمداني: "في أحد الأيام وبعد أن انتهى آية الله
معصومي همداني من الدرس، انتقل بصحبة الطلبة للمشاركة في مجلس يقام بمناسبة ولادة
الإمام الحسين عليه السلام دخل المجلس وجلس إلى جانب الصف الذي يجلس فيه العلماء،
وبعد ذلك نهض قارئي المدائح وأصبحوا يرددون:
إن في الجنة نهراً من لبن***لعلي ولزهرا وحسين وحسن
ارتفعت الأصوات تردد هذا البيت الشعري وعلا البكاء فانتقل آية الله معصومي من الصف
الذي يجلس فيه إلى المكان الذي يجلس فيه قارئي المدائح وقال أحب أن يذكر اسمي ضمن
أسماء خدام الإمام الحسين عليه السلام 3.
عدم الاهتمام بالمسائل المادية:
يقول المرحوم السيد زين الدين الطباطبائي متوجهاً إلى قارئي العزاء: "لا تهتم عند
قراءة العزاء للجانب المالي، فاقبل كل ما أعطى لك، وإذا لم تعطى فلا تطلب. ليكن
هدفك مولاك فهو الذي يسهل الأمور إن شاء الله"4 يقال إن عبد الله بن
الحسن بن علي المعروف بعبد الله المحض كان شديد التأثر بأشعار ومراثي الكميت، وفي
أحد الأيام قام بتقديم وثيقة مزرعته للكميت في مقابل تلك الأشعار التي كان يسمعها.
أما الكميت فرفض ذلك وقال: هذا محال فانا اقرأ لسيد الشهداء واكتب لله تعالى.
أصر عبد الله على تقديم وثيقة المزرعة فأجبر الكميت على قبولها. وبعد مدة جاء
الكميت وقال له: لي عندك طلباً وأرجو أن تقبله. قال: أقبله، ولكن لا أعرف ما تريد؟
قال له الكميت: أولاً عليك أن تعدني بأن تلبي طلبي ثم أقول لك ما أريد. وعده بذلك
ولعله أقسم على تلبيته. عند ذلك أخرج الكميت الوثيقة وقدمها له وقال أنا لا أستطيع
قبولها5.
البكاء المنطلق من الاخلاص والعشق:
كان العارف بالله الشيخ عباس الطهراني قد وصل إلى حدود المرجعية ولكنه لم يطرح نفسه
كمرجع ومع ذلك كان يعتلي المنبر ويذكر مصائب أهل البيت ويبكي من ذلك.
يقول آية الله خسروشاهي في هذا الخصوص: "كنا مع عدد قليل من الأشخاص نحضر مجلس دعاء
الندبة الذي كان يقيمه أحد الأشخاص، وكان السيد أحمد الخوانساري من جملة الحاضرين.
أما الشيخ عباس الطهراني فكان يقرأ العزاء ويبكي وكان مجلسه مؤثراً وموفقاً حتى أن
هذا المجلس قد ساهم في اقبال بعض الشباب على العلوم الحوزوية. وكان العلامة
الطباطبائي يحضر بعض هذه الجلسات ولكن بمجرد شروع قراءة المصيبة كان العلامة يضع
عباءته على رأسه ويغرق في البكاء"6.
* رحيم كاركر
1- برنامج السلوك،
ص244.
2- الفضائل المنسية.
3- مثل سليمان، ص88.
4- برنامج السلوك، ص244.
5- عشر أحاديث، الشهيد مطهري، ص252.
6- عارفان سالكان، ص78.