بسم الله الرحمن الرحيم
تتكون الخطبة من عنصرين رئيسيين: الشكل الظاهري للخطبة ومضمونها.
ولكل واحد من المحورين المتقدمين عوامل متعددة تجعل الخطبة مؤثرة.
وعلى هذا الأساس يجب الانتباه في الخطابة إلى أمور أهمها:
1 ـ اقناع المخاطب بالمسألة (بالبرهان والدليل).
2 ـ جذب انتباه المستمعين (من خلال الآداب وأحوال المتحدث).
3 ـ تأثير الكلام (من خلال التحريك العاطفي والنفسي).
أ- الشكل الظاهري للخطبة:
وتتكون الخطبة من حيث الشكل من الأمور التالية:
1 ـ المقدمة وبيان الموضوع.
2 ـ التحدث حول أصل الموضوع.
3 ـ ذكر بعض الحكايات والتمثيلات المناسبة.
4 ـ تنظيم المباحث بشكل لائق.
5 ـ النتيجة وختم الكلام.
المقدمة: يفترض بجميع الخطباء الشروع بمقدمة تكون مدخلاً للكلام تبين للمستمعين
الموضوع والخطيب وأهمية البحث. ويجب تنظيم المقدمة بما يتناسب مع الخطيب والموضوع
والجلسة والمخاطبين.
الأفضل رعاية الأمور الآتية في المقدمة:
1 ـ أن تناسب مقتضى الحال وموقع الجلسة.
2 ـ أن تكون طبيعية بعيدة عن التصنع.
3 ـ غير طويلة بحيث لا تؤدي إلى الملل[1].
4 ـ ذات صلة بالبحث (رعاية براعة الاستهلال).
5 ـ أن لا تكون وعوداً غير عملية.
6 ـ هادئة ثقيلة وأن تبدأ بوقار.
7 ـ الابتعاد في المقدمة عن مدح الذات أو اظهار العجز.
يفضل تنظيم المقدمة بعد اعداد البحث لأن المقدمة عبارة عن نافذة على الأبحاث
الأساسية.
ب- مضمون الخطبة:
يقع بعض الخطباء في مشكلة عدم وجود مضمون ومحتوى لديهم، ويقع البعض الآخر في
مشكلة عدم الترتيب.
على هذا الأساس يجب على المبلغ أن يقدم مضموناً غنياً، مفيداً، جَذاباً، بناءً
وجديداً، كذلك يجب أن يهتم بطريقة تقديم المطالب بحيث تكون متسلسلة ومنسجمة ومتصلة.
يجب أن يتوفر في البحث نقاط ومسائل أساسية:
أن يمتلك شروعاً حسناً وخاتمة مناسبة.
الابتعاد عن تكرار المطالب.
أن يكون كل بحث في مكانه يحكمه نوع من النظم المنطقي.
ويمكن التمثيل للخطبة الحسنة والسيئة من خلال ترتيب الأعداد:
الخطبة الحسنة: مثل ترتيب الأعداد 1، 2، 3، 4، 5، 6 (بشكل مرتب).
الخطبة السيئة: مثل ترتيب الأعداد 2، 1، 4، 3، 5، 6 (بشكل غير مرتب).
الخطبة الأكثر سوءً: مثل 2، 1، 3، 2، 1، 6 (عدم الترتيب والتكرار)[2].
الخطبة كالبناء أو الخياطة إذ تحتاج إلى خطة ومضمون، وكما تحتاج في البناء إلى
الخريطة والهدف والمواد والبنّاء، وفي الخياطة إلى تحديد نوع اللباس، الشكل أو
الموديل، القماش والخياط، كذلك نحتاج في الخطابة إلى الهدف منها، الخطة والخريطة
الكلية، المواد الأولية والمطالب، الجمال والظرافة المناسبة. وكما نحتاج في
المشاريع إلى الخطط التي تنفذ خطوة بعد أخرى كذلك تحتاج الخطابة الموفقة إلى خريطة
وخطة يتم تنفيذها بالتدريج ويمكن تأمين أهداف الخطيب. على هذا الأساس يجب بداية
تحديد الموضوع، ثم يجب التفكير في جزئياته وفروعه، ثم اعداد المواد والمطالب
الضرورية لكل منها، ثم تنظيم المطالب واعطاءها الصورة النهائية ثم القاءها[3].
يمكن المشاورة لتحديد ماذا يجب أن نتحدث، وماذا يجب أن نقول حول الموضوع الفلاني والمناسبة الفلانية. عندما تشاور شخصاً حول موضوع خطابكم، فإن رأيه يفيد في اغناء بحثكم ويفيد أيضاً في انتقال ذهنكم من خلال البحث الذي جرى ليدرك مسائل ومفاهيم أخرى ذات صلة. ولعل "تداعي المعاني" هي أفضل وأهم ثمرات استشارة الآخرين.
[1] يقول الإمام علي
(ع): آفة الكلام الاطالة.
[2] "فن الخطابة"، الدكتور مظلومي، ص14.
[3] راجع مراحل الكتابة في بحث أسلوب الكتابة وهو ضمن مجموعة "الأساليب" من تأليف
الأستاذ جواد محدثي.