بسم الله الرحمن الرحيم

لا شك أن متانة ودقة المضمون التبليغي يعتبر أولى أولويات المبلّغ، لكونه (أي المبلغ) يتعامل مع أخطر وأعظم المهام، وهو إيصال وتبليغ دين الله وشريعته إلى العباد. ولكن الأسلوب التبليغي السليم أيضاً يعتبر أساسياً ومهماً جداً في العملية التبليغية، بل قد ينعكس ضعف الأسلوب التبليغي على نفس المضمون التبليغي في حالات كثيرة، فيفقده الفعالية المتوخاة منه، ويذهب جهد المبلغ حينها أدراج الرياح. فليس مقبولاً من المبلغ أن يقول إن علي التبليغ فقط، وعلى الناس أن تجهد لتفهم. نعم مطلوب من الناس بذل بعض الجهد والتركيز لمتابعة كلمات وأفكار المبلغ. ولكن إذا كان هدف المبلغ هو هداية الناس، وتصحيح عقائدهم، وإرشادهم إلى المفاهيم الإسلامية الأصيلة، فعليه أيضاً أن يبذل جهداً استثنائياً لمعالجة أسلوبه التبليغي، بل ولتطوير أسلوبه التبليغي أيضاً، لأن مواكبة الأساليب المتقدمة والفعالة في التبليغ قد توفر على المبلغ الكثير من العناء في الوصول إلى غاياته وأهدافه. وعليه، يترتب على المبلغ إضافة إلى العمل على تمتين المضمون التبليغي وتطويره، يترتب عليه أن يواكب عملية تحسين الأسلوب التبليغي.

وفيما يلي بعض النصائح التي لها دخالة في الأسلوب، والتي تساعد على تفعيل المضمون التبليغي ليصل إلى قلوب وعقول الناس:

1- "أسلوب التكريم": إكرام واحترام الناس، وهذا الأمر يدخل في خانة أن يكون المبلغ ممارسا وقدوة في الأخلاق والقيم، قبل أن يكون محاضراً وداعيا إليها، ولذلك ورد في الحديث: (كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم) .

2- "أسلوب التدريج": حيث لا يمكن الحديث بكل المطالب في جلسة واحدة، فحتى القرآن الكريم نزل بالتدريج.

3- "أسلوب التأخير": عدم تقديم إجابات لكافة الأسئلة، بل يمكن تأخيرها لمزيد من التأمل.

4- "أسلوب التبيين": أي محاولة توضيح المطالب بشكل حسن لتتشكل الأسئلة والذهنيات بشكل صحيح.

5- "أسلوب الدفاع المنطقي": من الضروري الدفاع عن مسلمات الإسلام، طبعاً يجب أن يحصل ذلك بشكل معقول ومنطقي. والدفاع السي‏ء عن الدين لا يقل عن توجيه الضربات له.

5- "أسلوب السؤال وتشجيع الآخرين لتقديم إجابات": كان الرسول (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) يبدأون الكلام من خلال توجيه السؤال.

6- "التمهيد": قد يتطلب الأمر أن تكون المقدمة أكثر أهمية من ذي المقدمة، فيجب أن نمهد لتوضيح جمال الدين.

7- الاستعانة بالخيال: الخيال أداة فعالة وهامة للتبليغ. وهنا يمكن الاستعانة بالمنظومات الشعرية، أو بالتمثيلات الراقية التي تنزل الفكرة من سماء المعقول المجرد إلى بحر الخيال الموضَّح.

8ـ الاهتمام بالجلسات الصغيرة، لأن التأثير العاطفي يكون في المجموعات الصغيرة أكثر منه في الكبيرة.

9- عند الإنسان أربع أدوات إرسال (العين، والوجه، والسلوك والقول) حيث تقوم هذه الأدوات بإرسال الرسائل واستقبالها. فمن الضروري الاستفادة من هذه الأدوات الأربع بشكل لائق.

10- الإستفادة من الجانب الوجداني بطريقة موزونة وسليمة، فالإسلام جاء ليخاطب العقل والوجدان أيضاً.

11- التبليغ ليس حديثاً بل هو إيصال، فيجب أن يطمئن المبلغ إلى أن المستمع قد وصلته الرسالة. وقد كان الرسول (صلى الله عليه وآله) يقول: (...ألا هل بلغت؟ قالوا: بلى يا رسول الله..) .

12- الانسجام: يجب أن يكون مضمون التبليغ منسجماً، ولا يجب أن يظهر التناقض بين البداية والنهاية.

13- الاستفادة بشكل مناسب من عنصري "الخوف والرجاء" وهذا يعني عدم الاستفادة من الخوف إلى مستوى اليأس وعدم الاستفادة من الرجاء إلى مستوى الغرور.

14- التنوع في الكلام، فمن الخطأ الحديث حول موضوع واحد ثلاثين ليلة مثلاً.

15- تقسيم النظر إلى المخاطبين عند الكلام.

16- ويعتبر المسرح، والصناعة السينيمائية، والكتاب، والمجلة، والصحيفة، والخطابة ومواقع التواصل على الشبكة العنكبوتية من جملة أنواع ووسائل وأدوات التبليغ.

* شبكة المنبر-فرع الإعداد

^{1- أصول الكافي، ج 2، باب الورع، حديث 9، ص 77
2- الكافي – ج 7 – باب القتل – ح 12 – ص 273.}