بسم الله الرحمن الرحيم
يعاني عالمنا الحالي من توجهين في النظر إلى السلوك الإنساني فأحدهما مغرق في المادية لا يرى في الإنسان إلا بعده المادي ولا يرى من الحياة إلا الماديات. وكل ما وراء المادة مما يدّعى لا يعدو كونه خرافات وأساطير وترهات إلى آخر الأوصاف التي يحلو لهذا البعض اطلاقها...
وهناك توجه آخر مفرط في المعنوية لا يرى في الإنسان إلا بعده المعنوي أو الروحي أو النفسي. ولا يرى للجسد أو البعد المادي الحيواني للإنسان وجوداً وقيمة وبالتالي لا يرى له حقوقاً... بل يذله ويحتقره...
وإذا عدنا إلى جذوة هذه النظرات فقد نجد أصولاً للمادية في اليهودية وكتبها المقدسة التي لا تعنى بالمعنويات الإنسانية كثيراً.
فيما نرى أن المسيحية بحسب فهم كثير من أهلها اتكالاً على ما ورد على لسان السيد المسيح لا تعنى بالحياة المادية في هذا العالم.
ولكن الإسلام اتخذ طريقاً وسطاً متوازناً في رؤيته للحياة مراعياً لبُعدي الحياة المادي منها والمعنوي فلا افراط ولا تفريط في أي اتجاه.
وبمعنى آخر إن الإسلام جاء ليلائم بين هذين البعدين الذين ربما يتراءى للبعض أنهما على طرفي نقيض.
فالإنسان مجهز بقوى مادية وأخرى روحية معنوية والإنسان في طريق تكامله ولوصوله إلى كماله وسعادته الواقعيين لا بد له من الاستفادة من جميع الوسائل التي أوتيها مادية كانت أو معنوية ولعله أحد أهم الابتلاءات.
وكذلك المحيط المادي لحياة الإنسان (المجتمع) يفترض أن يشكل بيئة صالحة لصناعة الإنسان السعيد والكامل فلا فردية محقة للنظرة للإنسان كما لا معنوية محقة ولا مادية محقة.
والمطلوب هو التوازن والاعتدال في المسلك بين كافة الجهات المادية والمعنوية والفردية والاجتماعية.