بسم الله الرحمن الرحيم
﴿َإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ﴾ آية من سورة الانشراح أقرأها كثيراً ولربما استوقفتني أحياناً لأفهم شيئاً من معانيها...
لماذا الأمر بالتعب في العبادة... والفراغ هنا فراغ من أي شيء...
هل هو فراغ مما ذكره تعالى سابقاً من آيات السورة المباركة مما كان يشكل حملاً يرهق كاهل النبي ﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَك﴾.
ثم ما معنى أن يؤكد مكرراً: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾، وحرت بحثاً عن جواب حتى عنَّ لي كلام للشهيد مطهري يقول فيه: "هل جاء الأمر أنك إذا فرغت وأزيل الحمل عن كاهلك تذهب للاستراحة؟ إذا ذهبت للراحة فذلك أول البلاء، لأن شقاء الإنسان يأتي من التعود على الراحة والرفاه. وأن أعدى أعداء الإنسان التعود على الراحة.
"فإذا فرغت فانصب" حتى إذا فرغت من العمل عليك أن تلقي بنفسك في التعب والنصب أيضاً. وأن تخلق لنفسك مثيرة للمتاعب، أي لا تعود نفسك على الراحة، وإذا فرضنا العبد الصالح لا متاعب لديه هل ترتفع عنه شدائد العبادة؟ هل الرسول لما كان خالياً من المتاعب الاجتماعية كان يذهب وينام رغداً حتى الصباح؟ لا، لم يكن يخلد للراحة، وكان ما أن يفرغ من عمل حتى يلقي نفسه في نصب آخر. ولكن لم يكن تعبه اعتباطياً، بل كان يتجه للعبادة، فعلى الإنسان أن لا يخلد للراحة لأجل الراحة لأن الراحة لأجل الراحة عدو للإنسان. نعم إذا أخذ الإنسان قسطاً من الراحة وبشكل موزون بهدف إعادة شحن طاقته وهمته على العبادة والعمل في سبيل الله، هنا يصبح للراحة لون آخر يصب في الأهداف الرئيسية لسبب وجود الإنسان في هذه الدنيا. ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾.