بسم الله الرحمن الرحيم
فيما اشتهر نقله عن أمير المؤمنين عليه السلام: "من أطاع التواني ضيع الحقوق"1.
هي حكمة علوية عُلوية تقرر قاعدة ذهبية وهي:
أن تأخير العمل عن وقته يؤدي إلى التقصير في أداء الوظائف والتكاليف وبالتالي تفويت الفرص من جهة، ومن جهة ثانية فإن التأخر في مواجهة المشكلات سيزيدها صعوبة، وفي علاج الآفات سيزيدها استفحالاً لتصبح من الداء العضال الأبي عن أي علاج ولن تجدي معه حينها حذاقة أي حاذق ومهارة أي ماهر.
وعليه فعندما تمكن الفرصة من رقابها على العامل أن لا يتوانى ولا يتردد لئلا تتفلت فتخرج من تحت سلطان القدرة والإرادة.ولعلنا نجد في الخطاب القرآني الكثير مما يحث على ما أسلفنا، منها قوله تعالى: ﴿فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَات﴾2 .
ومدح تعالى من وصفهم بالإسراع في الخيرات: ﴿أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾3.
كأن هؤلاء ليسوا فقط مسارعين إلى اغتنام فرص الخير، بل يسعون ليكونوا من أوائل المبادرين إليها، فهم في سباق ليس بالضرورة مع أقرانهم من العاملين، وإنما أيضاً مع ما يؤدي إلى تقليل فرص النجاح أو تفويتها أو التقليل من النتائج كعناصر الزمان والمكان وطروء المعوقات أو الانشغالات، أو حدوث أي أمر أو حال أو ظرف يحط من المأمول والمطموح إليه. ولو عدنا إلى ميدان التبليغ فإن الروحية التي يفترض أن نتحلى بها هي روحية التنافس في سبل الخير أي المبادرة.
بمعنى أن نكون أولى بكل خير، وثانياً المسابقة مع كل ما يؤدي إلى إعاقة العمل وتفويت فرص النجاح، وثالثا المنافسة والمسابقة الإيجابية مع الأقران بمعنى تحمل المسؤوليات من حيث عدم التهرب منها ومن حيث الاتقان وثالثة من حيث الإخلاص لله تعالى: ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾4.
1- نهج البلاغة، محمد عبده، ج 4، ص 53.
2- المائدة: 48.
3-المؤمنون: 61.
4-المطففين: 26.