بسم الله الرحمن الرحيم
من الآفات التي يصاب بها العاملون على رعاية الناس سواء كانوا أولياء للأمور أو دون ذلك كالمبلغين أو حتى أرباب الأعمال أو الأسر، من هذه الآفات ابتعادهم عن رعيتهم وهذا ما نهى عنه أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: "فلا تطولن احتجابك عن رعيتك".
وفي تتمة هذا الكلام المروي في نهج البلاغة عنه عليه السلام أورد للاحتجاب بعدين هما:
1- الاحتجاب كاشف عن نقص المؤهلات في الراعي، ومنها:
أ- ضيق الصدر: حيث إنه كما ورد "آلة الرئاسة سعة الصدر" بينما الاحتجاب هو كما عبّر عليه السلام: "شعبة من الضيق".
ب- نقص المؤهلات العلمية: حيث عبر عن ذلك عليه السلام: "... وقلة علم بالأمور".
2- تضييع للرعية وعدم حسن الرعاية إذ إن الاحتجاب يصيب الرعية بأمور منها:
أ- ترك الرعية فريسة للجهل: فإن الاحتجاب عن الناس يفرغ الساحة لأهل المطامع وذوي الأهواء والجهلاء ليملأوا أذهان الناس، فإنه يحرم الناس من حقهم في الاطلاع وأخذ المعلومات من مصدرها الحق وهذا ما أرشد إليه قوله عليه السلام: ".. يقطع عنهم علم ما احتجبوا عنه...".
ب- تسرب الخلل: إلى معايير التقييم والتمييز عند الناس فهو إما أن يؤدي إلى تسهيل الأمر على العابثين أن يعبثوا بأفكار الناس وأخلاقهم وسلوكهم ليقلبوا منظومة القيم عندهم كما يمكن أن يكون مؤدى قوله عليه السلام:".. فيصغر عندهم الكبير ويعظم الصغير ويقبح الحسن ويحسن القبيح" وإما على الأقل أن يؤدي إلى حالة من فقدان القدرة على التمييز بين الأمور فتنشأ حالة من الضياع والتشتت وتكثر الالتباسات والاشتباهات، لأن من يفترض أن يكون ضابطاً لمعايير التمييز قد أخلا مكانه للاوهام والظنون لتفترس عقول الناس وترعى في ثقافتهم وأفكارهم وهذا ما ربما يرشد إليه قوله عليه السلام: "ويشاب الحق بالباطل".
فهلّا ملأنا ساحتنا حضوراً وضيّقنا على شياطين الإنس والجن المنافذ والمداخل.