بسم الله الرحمن الرحيم
عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: "التقصير في حسن العمل إذا وثقت بالثواب غبن"1.. في أي عمل يقوم به الإنسان لاسيما في مجال العمل لله وكل ما يقرب إلى الله ومن أبرزها وأشرفها التبليغ يأتي في درجة لا تزاحم أداء المهام وإنجاز العمل وعدم التقصير، لكن ما ذكرته الرواية ليس أصل أداء التكليف وإنجاز المطلوب أي التقصير بالمفهوم العرفي الأولي لكلمة تقصير، بل وسعت الرواية المفهوم ليشمل إضافة إلى عدم الانجاز والأداء التقصير في حسن العمل وهو ما يعبر عنه بعدم الاتقان، فبالتالي وباللغة الادارية تأتي الرواية لتقول إنه حين تتاح الفرص وتتيسر القدرة للجيد لا يصح الاكتفاء بالعادي، ومع القدرة على الأجود لا يكتفى بالجيد، وبالتالي فإن من تمكنه الفرص من رقابها وتذلل طرق تحقيق الأمثل والأفضل لا يصح التواني عنها والزهد فيها وإلا فإنه يكون قد حرم أولا مجتمعه وأمته وأنقص حظها من الخيرات ورضي لها بما هو دون المتاح، وثانيا مع كون العمل مما يترتب عليه أجر وثواب يكون قد حرم نفسه مرتبة ودرجة من الثواب ورضي بالثواب الأقل والأجر الأدنى، حيث ان الحكمة تقرر قاعدة مفادها أن أي عمل له جهتان للاجر في طول بعضهما واحدة هي أصل الانجاز للعمل والثانية للإحسان أو فقل للاتقان، فالذي يقدر على الأحسن إن رضي بالحسن يكون قد غبن نفسه بعد أن غبن أمته.
1-نهج البلاغة، الحكمة 376.