بسم الله الرحمن الرحيم
من الأمور التي يتفق عليها العقلاء على اختلاف مشاربهم العقائدية أو الفكرية أو
العملية اتقان العمل وإجادته؛ وبالتالي فإن الحكمة الواردة عن أمير المؤمنين عليه
السلام والقائلة: "إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" ، فيها
إقرار للعقلاء على ما تبانوا في سيرتهم وحكمتهم العملية كما النظرية.
لكن ما يحصل عادة خصوصا في عالم العمل وعند كثيرين وخصوصاً في عالم التبليغ أنهم
ينكبّون على التحصيل العلمي للمواد التي يفترض أن يبلغوها للناس ويوصلوها إليهم إما
لزيادة علومهم ومعارفهم بما يغذي العقول والقلوب، أو بما يؤدي إلى تقويم سلوك الناس
وتغييرها باتجاه المطلوب إسلامياً.
لكن قد يغفل بعضنا عن أن التحصيل العلمي وإن كان ركناً أساسياً في مهمة التبليغ إلا
أنه لا يعدو كونه بمثابة العتاد للمجاهد في ساحات القتال ومواطن النزال، وبالتالي
فلابد من رفده بالمهارة في تنفيذ الخطط إضافة إلى إجادة الرمي.
وحتى لا نطيل نقول إن ورود حكمة نبوية مفادها "إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم
الناس على قدر عقولهم" تفترض شروطاً أخرى غير العلم الديني التقليدي له علاقة
بالقدرة على التأثير والنفاذ إلى النفوس عبر أبوابها المتيسرة بحسب الزمان والمكان
وبالتالي وعبر القول المأثور عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله: "إن الله يحب
العبد المحترف"، ثمة دعوة لنا لأن نعمل على اكتساب كل مهارة تساعدنا في النجاح
بالتبليغ بل أن نترقى في هذه المهارات لتصبح ملكة من الملكات بل لنصبح محترفين فيها1.
1-نهج البلاغة، الحكمة 376.