بسم الله الرحمن الرحيم
روي عن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام قوله: "آفة العلماء حب الرئاسة"1.
لا يخفى على كل مجرب للحياة وأمورها ما لحب الرئاسة من مفسدة في دين المرء بل وحتى دنياه، حتى وإن توهم اللاهثون خلفها أنها مطية توصلهم إلى معشوقتهم التي اسمها الدنيا.
فحب الرئاسة وحش فتاك يفتك بأخلاق الناس ويقتلع جذور الإنسانية من أرض النفس لتصبح بلقعاً قاحلة من كل كريم خلق أو نفيس قيمة من القيم الإنسانية والإسلامية.
وهذا ما يصلح أن يستفاد من حكمة أخرى لأمير المؤمنين عليه السلام: "ما ذئبان ضاريان في غنم قد تفرق رعاؤها بأضر في دين المسلم من الرئاسة"2.
فالذي يربي في نفسه حب الرئاسة تماماً كمن يسترعي الذئاب في أغنامه؛ وهذا معناه إضافة إلى المفاسد العظيمة الخسائر الجسيمة على صعيدي الدنيا والآخرة. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن من يجعل الرئاسة والجاه قبلة قلبه يكون قد نصبه غرضاً ترميه شياطين الجن والإنس بسهامها المسمومة.
ولو استفحل هذا الميل في النفس لم يكتف بقلع كرائم الخلق ونفائس القيم بل سيزرع مكانها أضدادها، أمثال الذل والهوان والتملق والنفاق والمداهنة والكيد والمكر والخداع والكذب وغيرها...
ولا شك أن من جاس بقدم الرغبة أرض حب الرئاسة والجاه قد ينزلق الى سوء العاقبة إذ أنه: "تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً"3.
1-غرر الحكم ودرر الكلم.
2 - الكافي، ج2، باب طلب الرئاسة.
3- سورة القصص، الآية: 83.