بسم الله الرحمن الرحيم
هو رحمة الإله المهداة؛ عمّ بها العوالم منسكباً من جواره لينزاح عنها العدم فتتشرف
بالوجود...
وهو مشرق نور من هو نور السموات والأرض... بل هو مصباح ذلك النور وسراجه الطارد
بتوقده الظلمات لتستنير به الأبصار بعد هيمنة الدياجير.
وهو طبيب القلوب الدوار...
يطلبها فينفذ إلى مكامن الداء مجتثا أصوله...
وهو في ذلك رفيق يود أن يحمل عنها آلامها راغباً لها شفاء من كل سقم، وراحة من كل
ألم...
كل همه ألا يبقى قلب سقيم يستغرق في متاهات البعد عن رحمته المهداة...
يريد لهذه الأنفس والقلوب أن تستضئ بنوره بعد عشىً وتغدو مبصرة بعد عمىً.
وهو أب هذه الأمة...
استولدها من رحم عقيم... صحراء الجاهلية القاحلة فأخرج الله به أمة من صقيع العدم
إلى دفء الوجود لتغدو
﴿خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾.
ولما كان لكل أجل كتاب... كان لابد لطائر السعد أن يؤوب بعد طول غربة إلى موطنه حيث
قاب قوسين... بل أدنى فكان خفوق له من بين أظهرنا...
فحقّ لنا أن لا يجفّ لنا أدمع... ولا تسكن لنا أنة، فإن الخلائق لم يصابوا بمثل
هكذا مصيبة...