بسم الله الرحمن الرحيم
من أهم ما ابتلي به زماننا وهي من الآفات التي لها أولوية على صعيد مهام المبلغين
ألا وهي إشاعة الفاحشة ونشر العيوب، وقد تيسّر لهذه الآفة في هذا الزمن ما لم يكن
متيسراً في الماضي، حيث وسائل الإعلام على اختلافها ووسائل الإتصال على تنوعها من
هواتف ذكية وشبكات انترنت، ومواقع يسميها أهل الزمان بمواقع التواصل الاجتماعي.
وهذه الآفة تنمّ عن خبث النفس ودناءة الطبع، وقلة مبالاة اتجاه أمور الدنيا والدين
بل عدم مسؤولية اتجاه المجتمع بكافة شرائحه، وقد شدد الرسول صلى الله عليه واله على
قبح هذه الآفة قائلاً: (من أذاع فاحشة كان كمبتدئها)1.
وهذا المرض معد، كيف وقد توفرت له وسائل انتقال سريعة وفتاكة كالتي سبق ذكرها، ولا
يقتصر الأمر على تلك الآفة بل إن الفضول وحب الإطلاع وحالات النفس السبعية تستولد
أمراضاً أخرى ليس أقلها تتبع العيوب وإحصاء العثرات والتجسس بغرض إظهار هذه العيوب
ونشرها لاستقطاب المرتادين للمواقع والمشاهدين للبرامج والقنوات، وقد تبعنا الغرب
في ذلك مع أن الإمام علي عليه السلام يقول: (تتبع العيوب من أقبح العيوب وشر
السيئات)2.
وفي الحديث تنبيه لنا أن تتبع عيب امرئ قد يكون أسوأ من العيب الذي اكتشفناه في
غيرنا.
ومن الأمراض التي استولدتها هذه الآفة في هذا الزمن التي تنمّ عن تعرّ من الإنسانية
وانسلاخ منها واستغراق في الوحشية والسبعية الشماتة بمن تعثر وافتضح عيبه إلا أن
ذلك سيؤدي إلى ابتلائه بمثل ذلك، فعن الإمام الصادق عليه السلام: (من شمت بمصيبة
نزلت بأخيه لم يخرج من الدنيا حتى يفتتن)3.
والأفظع من ذلك أن يصل البعض إلى حدّ السرور والابتهاج بالفرح بوقوع الآخرين
بالمعاصي وهتك سترهم على خلاف ما يحب الله فيكون حينها هوى هؤلاء مع الشيطان لا مع
الله تعالى.
1- الكافي، ج 2، باب
التعبير.
2- تصنيف غرر الحكم، ص 451، ج 10373.
3- م. ن.