بسم الله الرحمن الرحيم
هناك أمور تحدث أحياناً وتكون سبباً لتعكير الأجواء بين الناس وبشكل خاص بين
المؤمنين، وبشكل أخص بين الأصدقاء وزملاء العمل والأصحاب، ومن أبرز هذه الأمور التي
قد لا نلتفت إليها هي أن بعضنا واتكالاً على أواصر القرابة، أو الأخوة، والمحبة
والمودة يقوم بأعمال وتصدر منه أقوال وتصرفات تسئ إلى أخيه وحبيبه وصديقه وزميله،
معولاً على ماله من رصيد في صدر أخيه، هذه التصرفات والأقوال قد يكون أحياناً فيها
تجاوز على الآخر فيقلل من احترامه وينزل من شأنه ويحط من قدره، وأحياناً لا يكون
السبب في أن ذاك الأخ والزميل والصديق قد رسم خطوطاً حمراء في العلاقة وإنما لأنه
لا يراها لائقة خصوصاً أمام الآخرين.
صحيح أننا في علاقاتنا البينية لا يصح أن نجعلها جافة وشديدة القيود (رسمية) بل من
المفروض أن نرعى هذه المودة والمحبة بشئ من الملاطفة لكن بحيث لا تصل إلى الارتطام
بالسخرية التي نهى عنها الله تعالى ولو بغير قصد.
وبعبارة أخرى إن من أشد الأخطاء الملوثة لأجواء المحبة والمودّة بين الناس أن يتكل
بعضنا على ما بينه وبين الآخرين من علاقات أخوة فيرفع الكلفة بما يفتح الأبواب أمام
النيل من الكرامات والمقامات والهيبة والاحترام بطريقة المزاح وأمثاله، وعن ذلك قال
أمير المؤمنين عليه السلام :"ولا تضيعن حق أخيك اتكالاً
على ما بينك وبينه، فإنه ليس لك بأخ من أضعت حقه"1.
فكأن الإمام عليه السلام يلفت أن من شأنه هذا في علاقته مع أخيه ليس جديراً بأن
يتخذ أخاً أو أنه سيؤدي إلى هدم بنيان هذه الأخوة.
نهج البلاغة، 402.