بسم الله الرحمن الرحيم
من الآفات والأمراض التي تصيب العاملين بشكل عام، وبالأخص المربين، والمبلغين، هي
التواني والتسويف والتأجيل، أو بعبارة أخرى التردد وعدم المبادرة.
لكن ما يلفت النظر أن علياً عليه السلام في وصيته لابنه الإمام الحسن عليه السلام
استخدم عبارة "بادرت" "وبادرتك" في أوائل هذه الوصية. في معرض ذكره عليه السلام
لدواعي الوصية والتأديب.
وقد ذكر عليه السلام هذه الدواعي وهي:
1- الخوف من مفاجأة الموت قبل أداء هذا الواجب "بادرتك بوصيتي... قبل أن يعجل بي
أجلي دون أن أفضي إليك بما في نفسي".
2- الخوف من كبر السن ولوازمه من تراجع وضعف القوى لا سيما الذهنية والعقلية "أو أن
أنقص في رأيي كما نقصت في جسمي" حيث تتراجع القدرة على التحمل والصبر، وتضعف
الذاكرة، بما يفوت الكثير من الحكم والتجارب ويضيّق الخيارات في أساليب التأثير.
3- الخوف من سبق الآفات النفسية المانعة من التأثر بالموعظة والاستجابة للتأديب "أو
يسبقني إليك بعض غلبات الهوى".
4- الخوف من مزاحمة الافتتان بالدنيا وزخارفها وشهواتها بما يؤدي إلى كون الولد
عصياً على التربية والتأديب "أو يسبقني إليك... فتن الدنيا فتكون كالصعب النفور".
5- الخوف من تأخر التربية والتأديب عن وقت الاستعداد والجهوزية "وإنما قلب الحدث
كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شئ قبلته"، وإلا فإن عدم المبادرة سيكون إخلاء
للساحة وهي قلب الحدث أمام أهل الضلال ليملأوها بباطلهم وضلالهم، فعن الإمام الصادق
عليه السلام: "بادروا أحداثكم بالحديث قبل أن تسبقكم إليهم المرجئة".
وفي ذلك رسالة كافية لنا معاشر المبلغين لنبادر إلى ملء ساحات التبليغ لا سيما
الفتيان والشباب ومواقع تواجدهم خصوصاً على وسائل الاتصال الحديثة قبل أن يسبقنا
إليهم مرجئة هذا العصر.