بسم الله الرحمن الرحيم
عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: (من ظلم سلط
الله عليه من يظلمه، أو على عقبه (ذريته) أو على عقب عقبه، قلت (أي الراوي): هو
يظلم فيسلط الله على عقبه أو على عقب عقبه!؟ فقال عليه السلام: إن الله عز وجل
يقول:
﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ
خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ
وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾
1 ) 2.
هذه الرواية محل السؤال والتساؤل فيها هو أن تكون عقوبة الجرم وعاقبة الظلم على غير
الجاني والظالم حتى ولو كانت من ذريته.
إلاّ أن رد الإمام الصادق عليه السلام يعلل ذلك بالآية من سورة النساء، حيث إن هذه
الآية وردت بعد آيات ثمان من سورة النساء فيها أوامر بالتقوى واتقاء التعدي على
الأرحام وإعطاء النساء واليتامى حقوقهم وعدم ظلمهم ولكن مع عدم التفريط بإعطاء
اليتامى والسفهاء قبل التأكد من حيازتهم مؤهلات حسن التصرف المالي.
ولعل هذا التشديد الوارد حول هؤلاء الضعفاء في المجتمع يؤكد أن المجتمع يتحمل
مسؤولية رعاية شؤونهم ومصالحهم من جهة، وضرورة العناية بأموالهم لكن مع عدم التعدي
ولا الإجحاف، وبالتالي عدم استسهال أبناء المجتمع ظلم هذه الفئة حقوقها والتجاوز
عليها الضعفاء.
وفي الآية كما في الرواية وعيد مفاده أن ثمة عقوبة بل عاقبة لو أخطأت الجاني
والظالم فلن تخطئ ذريته وذرية ذريته، فالعقوبة الدنيوية لن تكون كالأخروية مقتصرة
على نفس الظالم بل ستشمل الذرية والعقب، وذلك لأنهم بفعلهم وعدم نكير الأخرين عليهم
سنّوا سنة سيئة لن تكون ذراريهم بمأمن منها، حيث إن مسألة النيل من حقوق وأموال
الضعفاء لأنهم ضعفاء علة عامّة إذا ما أصبحت بعض ذريتهم مصداقاً لها فستتعرض لنفس
ما فعلوه، وهذا كشف إلهي عن سنة من سنن الإجتماع الإنساني وهي أن العاقبة السيئة
لظلم الضعفاء والتفريط بحقوقهم ستقع حتماً إما على نفس الظلمة وإما على من يتركون
خلفهم من الضعفاء.
وبعبارة أخرى إن ظلم الضعفاء ذنب عقوبته عابرة للاجيال، فإن كانت لاستباحة الحقوق
حين ضعف أصحابه وقوة الغاصبين، فإن هذه العلة ستعمم الظلم بما يجاوز كل زمن، إذ
يوجد ثمة استثناء.
1- النساء:9.
2-الكافي، الكليني، ج 2، باب الظلم، الحديث 13.