بسم الله الرحمن الرحيم
يقول تعالى في سورة الصافات عن قصة النبي يونس عليه السلام: ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾1.هذه الآية الكريمة تقول إن الحكم الأولي الذي كان قد صدر بحق هذا النبي هو السجن مدى الحياة، بل إلى يوم القيامة في بطن الحوت، والذي خفف العقوبة هو أنه كان من المسبحين بالذكر المسمى فيما بعد باسمه أي الذكر اليونسي وهو:
﴿لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، وقد كانت هذه العقوبة على خروجه من قومه يائساً من اهتدائهم ولم يحمل الأمل إلى آخر اللحظات. وهذه القصة تستحق منا معاشر المبلغين الذين نقتفي أثر الرسل والأنبياء بالقيام بمهمة التبليغ أن نقف عندها طويلاً ونتأمل في دروسها التي من أبرزها:
1- عدم اليأس من إمكان اهتداء الناس وعدم استعجال الحكم على الناس من حيث تأثرهم بالمواعظ والإرشادات، فهذا يونس عليه السلام بعد يأسه وهجرانه لقومه قد التقمه الحوت ثم لفظه على الشاطئ ليجده قومه الذين كانوا يبحثون عنه، فعرف أنهم قد نجوا من العذاب الرباني بتوبتهم إلى الله فيما هو قد أصابه عذاب الله تعالى وقد قبل الله تعالى توبة الفريقين فرفع العذاب عن قوم يونس عليه السلام، ورفع العذاب عن يونس لكن بعد مكوثه مدة في بطن الحوت.
2- إن ذنوب وأخطاء الخواص لها حساب يختلف عن حساب ذنوب وأخطاء العامة من الناس، ذلك أن ما يتوقع وينتظر من الخاصة أرقى وأحسن دائما من ما يتوقع ويرتجى من العامة، بل قد جاء في الحديث "حسنات الأبرار سيئات المقربين"، فرب عمل أو نية من شخص ما تعتبر أمراً رائعاً وجيداً وشديد الحسن بالنسبة لأشخاص معينين، فيما نفس العمل بنفس النية من آخرين تعتبر ذنباً، ولو عدنا إلى القائمين على مهام التبليغ فإن ما يتوقعه الإسلام والمسلمون منا أكثر مما يتوقعونه من أي فئة أخرى من الناس، فالأمل أن نخيب الآمال.
1- سورة الصافات – الآيتان 143 – 144.