بسم الله الرحمن الرحيم
يروي لنا القرآن الكريم في سورة طه بأبلغ بيان وأوجزه قصة جهاد كبير ومجاهد كبير. الجهاد هو مواجهة طاغية الزمان المتأله الجبار العاتي فرعون الذي كان أعظم حاكم لأعظم دولة على وجه الأرض، والمجاهد هو شخص مستضعف من أمة مستضعفة مستعبدة، كان راعياً للأغنام ولا يملك على ما رواه القرآن إلا نفسه وأخاه ومعه عصاه، وهذا المجاهد هو نبي الله موسى بن عمران عليه السلام، والمهمة هي مواجهة ذلك الطاغية سلطانه وجبروته ليرتدع عن ظلم بني إسرائيل فكان الأمر الإلهي.
﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾ 1.
والمنهج المرسوم لذلك هو: ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾2.
فالهدف هو أن يرجع الطاغية عن طغيانه وظلمه وعلوه وتجبره وليثوب إلى العبودية لله. والمنهج هو القول اللين:فإن النبي موسى عليه السلام كان شديد الحكمة في طلب العون من الله بأن يمده بأسباب النجاح في هذه المهمة فقال: ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾3.
فلم يطلب جيشاً ولا جنوداً ولا أسلحة، لأنه لم يكن يريد اجتياح الأرض وسكانها وإنما كان يريد النفاذ إلى القلوب ليؤثر فيها فهو يحتاج إلى وعي وفهم للرسالة، ويحتاج إلى مواكبة إلهية لعمله بأسباب التوفيق، وقدرة على إيصال الرسالة إلى المعنيين بها بطريقة يفهمونها وحسب قدراتهم.
وهذه شروط ينبغي أن نستفيدها في عملنا التبليغي وهي أولاً العلم والفهم، والثانية امتلاك مهارات الاقناع ووسائله، والثالثة رعاية مستوى المخاطبين، والرابعة وهي الأساس دوام التوفيق والمدد الإلهي، وكل ذلك طلبه موسى من ربه بالدعاء.
1-طه: 43.
2-طه: 44.
3- طه:25 – 28.