بسم الله الرحمن الرحيم
من تلبيسات الشيطان ومكائده التي يصطاد بها كثيراً من الناس أنهم يخيل إليهم أنهم يستطيعون التهاون وغض البصر قليلاً في حياتهم في الدنيا في الجوانب العملية، أو الثقافية، أو الفكرية أو العاطفية، فلا بأس من انتهاج أي مسلك أو منهج أو مذهب ولا يضر بعض التهاون واللامبالاة في ما يعتقدون أو يتبنون من قيم أو يسلكون من سبل حتى وإن أدى ذلك إلى أن يخلطوا حقاً بباطل، وصالحاً بفاسد، وصحيحاً بخاطئ، لعلهم بذلك يصيبون الحظين معاً الدنيوي منهما والأخروي.
هذا فيما يخص الدين، أما فيما خص الأمور الدنيوية فهم قد يكونون أكثر تدقيقاً وأشد اجتهاداً وتنقيباً عن وجه المصلحة من المفسدة.
إلا أن الله تعالى يقول: ﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ 1.
حيث نستطيع استفادة ما يلي:
1- النفس التي بين جنبي كل منا هي مشرووع بنيان، دار بنائه هي الدنيا، ومادته طيعة لعملية البناء.
2- عالم ظهور البناء هو عالم الآخرة، وكذلك مكان ظهوره والمعيار في متانته هو الأساس الذي بُني، والمكان الذي بني فيه.
3- عناصر البنيان هي التقوى ورضوان الله، أي المناعة النفسية والروحية والأخلاقية والعملية في وجه المغريات من محرمات بل حتى من مشتبهات، وأيضاً ما كان فيه رضى خالق النفس ورضاه الذي يحصل بتحقيق غايته من الخلق بسلوك ما شرع من أحكام على أن يكون ذلك بإخلاص النوايا.
4- لن يصمد البنيان مهما كان متيناً إذا كان بلا تقوى ولا مشروعية وبلا إخلاص لأنه سيكون على شفير جهنم.
5- إن المانع من التوفيق في بناء النفس هو الظلم بما يعني أن إدخال أي باطل أو انحراف أو ضلال تعد سيكون حجاباً يمنع رؤية الصواب والعمل على ضوء هداية الهداة.
6- وفقنا الله وإياكم لبناء الأنفس بعيدا عن شفير جهنم.
1-التوبة : آية 109.