بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا
مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ
* وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ
وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ﴾1.
من أكثر المسائل التي لا تزال تشكل لغزاً أمام الإنسان وسراً لا يزال دونه ستار
بالغ السماكة من المجهولية، رغم ما صارت عليه البشرية من التطور، الحياة والموت،
وبالخصوص الحياة بعد الموت؛ فكثير من الناس يتجمدون على البعد المادي في الوجود ولا
تنفذ أفكارهم إلى ما وراء المادة والجسمية أو الطبيعة.
فالقرآن الكريم في هذه الآية ومثيلاتها يأتي ليقول للإنسان خصوصاً لهذا النوع من
الناس أي الماديين أموراً منها:
1- أيها الناس الماديون في نظرتهم وفكرهم أنتم
ترون أن المادة جامدة بذاتها لا حياة فيها كما في قوله تعالى:
﴿...فَسُقْنَاهُ
إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ...﴾، إلا
أن فيها استعدادا لتقبل الحياة، فالمادة إذا أتتها ظروف وعوامل معينة لا مانع لديها
من أن تصبح حية وهذا ما في تتمة الآية:
﴿...فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ
مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ﴾2.
2- أيها الناس جميعاً لا تكونوا أسرى عالم
المادة، فثمة عالم ووجود بل موجود أرقى من المادة وأعلى من الأجسام وسلطانه سار
فيها، والحياة والموت من مظاهر ذلك الموجود، والأجسام لها قابلية أن تكون مرآة تحكي
صفاته وأسماءه، ومنها أنه المحيي والمميت.
3- هذا الموجود أرقى وأعلى من عالم المادة
لذلك يستخدم القرآن ما يفيد هذه الرتبة وهذا العلو بقوله: (نزلنا) و (أنزلنا).
4- لقد استخدم القرآن لإثبات قضية الحياة بعد
الموت مسألة هي من السنن الثابتة الجارية في الحياة المادية وهي بعث الحياة في
الطبيعة الميتة والتي صورتها الربيع، والذي يحتفل به الإنسان وتبتهج النفوس بقدومه
فلا يستشهد بمسائل نادرة الحصول بل بمسألة دائمة الحصول.
وهذا درس لنا معاشر المبلغين لنختار ما هو معهود من الأمثلة ومفهوم.
1- سورة ق، الآيات 9 – 11.
2- سورة فاطر، الآية 9.