من الأدعية التي ذكرت في الكتب المختصة كما في مصباح الكفعمي نقلاً عن مهج الدعوات لابن طاووس دعاء هو بنفسه حرز لسيدة النساء الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام ونصّه كما يلي: "بسم الله الرحمن الرحيم، يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث فأغثني، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله".
وما يحسن التوقف عنده هو تركيز الأئمة على جملة تكررت في أدعيتهم وكذلك ما ربما يكون ذكراً خاصاً للنبي صلى الله عليه واله وهو قوله صلى الله عليه واله : "اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً".
وهذا يكشف عن أنه ما من مصيبة أصعب وأعظم من أن يوكل الله الإنسان إلى نفسه ولا يبالى به، فسيكون تعالى قد تركه حبيس حيوانيته ومنفلتاً من كل عقال تهيمن على تصرفاته ومشاعره الغرائز والشهوات وتلعب به الأهواء والنزوات. ومما لا شك فيه أن النهاية ستكون الهلاك الأبدي.
والملفت في الدعاء الوارد أعلاه والذكر النبوي كذلك أن الطلب هو عدم قطع العناية الإلهية المتمثلة بالإيكال إلى النفس ولو مقدار طرفة عين...
فالإنسان مادة يسرع إليها الفساد بأسرع مما يطرف رمش عينه وهذا من جهة اقرار بالفقر والحاجة إلى دوام العناية واعتراف بالضعف لولا العناية المتواصلة منه تعالى... وكأن المعصومة وأباها وكل المعصومين يقولون إنما كنا ما نحن عليه بسبب عدم انقطاع الرعاية الإلهية.
وتطبيقاً لموجب العناية الآتي في لسان الآية القائلة: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُم﴾1.
كانت أدعيتهم وأحرازهم وأذكارهم تحمل عبارة "لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً".
فإذا كان أهل بيت العصمة، المطهرون لا ينفكون عن هذا الحرز والدعاء فأولى بنا ونحن ما نحن أن لا ندع هذا الدعاء وأن نتخذه ذكراً يحفر على صفحة القلب وتردده الألسن. فما من عدو أعدى من النفس وما من حرز أمنع من الله تعالى.
والحمد لله رب العالمين
1-الفرقان:77