روي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله أنه قال: "إنّ لكل حقّ حقيقة، وما بلغ عبدٌ حقيقةَ الإخلاص حتى لا يُحبّ أن يحمدَ على شيءٍ من عمل للّه"1.
على ضوءِ هذه الرواية وبعد ثبوت اتسام عمل المؤمن في أي مجال بِسِمةِ الإخلاص حتى يكون مقبولاً؛ والإخلاص معناه: عدم شوب النية الداعية للعمل بما عدا الله، وليس أدلّ على ذلك من قول الرسول صلى الله عليه وآله: "إذا عَمِلتَ عملاً فاعمل للّه خالصاً، لأنه لا يقبل من عباده الأعمال، إلا ما كان خالصاً"2.
فقيمة ووزن أيّ عمل التي تنعكس مؤثرية في الدنيا في النفس وفي الآخرين وفي الآخرة بالأجر والمنزلة والمقام، إنما تحصل بالإخلاص. قال تعالى: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾3.
فمن كان يؤمن بالحساب عليه أن يُعدَّ لِلقاء ربّه بالعمل الصالح الذي يكون الدافع إليه نقياً من التلوث بطلب غير الله؛ والرواية أعلاه جاءت لبيان حقيقة الإخلاص؛ فحقيقة الإخلاص أن لا يكون في نفس العامل والمجاهد والعالم حسابٌ لغير الله، فأداة الفحص التي تكشف عن الإخلاص في الأعمال هي مقدار تأثّره بآراء الآخرين ومقبوليتهم له ولعمله الذي يظهر إما بصورة إيجابية وهي المدح والثناء والتشجيع وهذا ما جاء قرآناً عن آل البيت عليهم السلام.
﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا﴾4 أو يظهر بصورة سلبية على شكل ذمٍّ، وانتقاد، وتثبيط. أو على الأقل بعدم الإعتناء بعمله ومقابلته باللامبالاة.
وعلى ذلك، فإنّ أولى من عليه اللجوء إلى هذه الأداة في فحص مدى إخلاصه في عمله هم المجاهدون والمبلغون. الذين كثيراً ما يواجهون خصوصاً في هذه الأيام حملات تُشنّ عليهم من كل حدب وصوب؛ كما يسمعون خصوصاً المبلغين من بعض الناس مدحاً واطراءً لهم على بعض الأقوال والأفعال التي توافق الأهواء السياسية والمصالح الاقتصادية لهذه الجهة أو تلك وما يجدر التوقف عنده هو أن الفحص ليس لعلائم السرور أو علائم الحزن والأسى، التي تظهر على الوجوه، وإنما هو لتفقد القلب الذي هو محلّ الحبّ أو الكره، وهذا هو الصعب في المسألة.
1-مستدرك الوسائل،ج1ص10
2-بحار الأنوار،ج77ص102
3-الكهف:110
4-الإنسان:9