من الردود التي كثيراً ما نسمعها عندما ننهى بعض الأشخاص الذين يغتابون الآخرين
قولهم: "إننا لا نغتابهم ونحن على استعداد أن نواجهم بها ونقول ذلك في حضورهم".
أحد مشكلات هذا القول أن هذا الشخص يظن أنه إن كانت لديه الشجاعة والإرادة على قول
ما يقول في وجه من يغتاب، يخرج من حدّ الغيبة وهذه شبهة من تلبيسات إبليس والنفس
الأمارة.
والثاني هو أنّ مسألة الكلام الجارح والخشن أمام الشخص بما يكون من مصاديق الطعن
فيه والتعيير والإعابة عليه قد لا يفترق عن الغيبة من حيث سوؤه وعاقبته. لأنه يؤذي
ويؤلم ويجرح النفوس وبالتالي قد يصل حدّ القتل المعنوي للإنسان في نفسه وأمام
مجتمعه.
فالفارق بينه وبين الغيبة هو أنه في الغيبة يتحدث عن عيوب الشخص من خلفه بقصد
الانتقاص منه واسقاطه من عيون الناس، وأما في الحديث أمام الشخص فإنا تنتقص منه
ونعيب عليه ونسقطه من الاعتبار عند الناس لكن أمامه وفي وجوده.
وقد قال تعالى: ﴿وَيْلٌ
لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾1.
وقد جاء في تفسير الميزان "وقيل إن الفرق بينهما هو أن الهمزة الذي يعيبك بظهر
الغيب واللمزة الذي يعيبك في وجهك"2 ومن جهة ثانية فإن المطلوب هو
أن يتبادل أبناء المجتمع الإسلامي الودّ والمحبة والاحترام.
بينما هذا الخُلُق السيّء والعمل القبيح يحل محل المحبة البغضاء، ومحل الأخوة
العداء ومحل الاحترام الانتقاص والطعن واسقاط النفوس المحترمة عن محلها وانزالها
دون قيمتها بما يحيِّره من وسائل اشاعة الفاحشة الممقوتة إلهياً والمتوعد عليها
بالعذاب الأليم.
والحمد لله رب العالمين
1- الهمزة، الآية1.
2- تفسير الميزان،ج2، ص358.