في رسالة الإمام علي عليه السلام إلى عامله على البصرة عثمان بن حنيف يعاتبه فيها على استجابته لدعوة مجموعة من مترفي أهل البصرة إلى مأدبة من صفاتها البذخ والإسراف من جهة وكونها خاصة بالأغنياء والموسرين دون الفقراء جاءت العبارة الآتية:"ألا وإن لكل مأموم إماماً يقتدي به ويستضيء بنور علمه, ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ومن طعمه بقرصيه, ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد"1.
ويمكن لنا أن نستخلص مجموعة دروس منها ما يلي:
1 ـ العمال في المهام العامة إن لم يستطيعوا أن يكونوا بأشخاصهم وممارستهم لمهامهم قادرين على حكاية شخصية القائد والولي والإمام فلا أقل من أن لا يسيئوا إلى الولي وصورته من خلال القيام بأعمال تشوه صورة الولي والإمام.
2 ـ الإمام علي عليه السلام يوضح لابن حنيف أموراً أربعة بواسطتها يكون معيناً للإمام على نفسه لحسن أدائه لمهامه ورقي شَخصه إلى أقرب ما يكون من شخص علي عليه السلام وهي:
1 ـ الورع: بما هو شدة الحذر من المحرمات، والحصانة أمامها من خلال ترك الشبهات.
2 ـ الاجتهاد: الذي يعني عدم اهمال المسؤوليات والنشاط والجد في العمل وعدم البخل بأي جهد، وبذل الوسع والطاقة لتحصيل الأفضل والأحسن، وأيضاً الإبداع والابتكار وعدم الجمود على المتيسر.
3 ـ العفة: والتي تعني الحصانة أمام وسائل الإغراء التي من خلالها يستدرج العاملون نحو الانحراف والسقوط في شراك ذوي الأطماع والأعداء.
4 ـ السداد: ومعناه صوابية الرأي والقرار، وهذا يعني التطور الفكري والعلمي من جهة ومن جهة أخرى الاستفادة من ذوي الرأي والفكر لانتخاب الرأي الأصوب والقرار الأفضل.
والحمد لله رب العالمين
1- نهج البلاغة، ج3، ص70.