قال تعالى: ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ﴾1 وقال أيضاً: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُم﴾2.
ورد التعبير في الآيتين بلفظين مختلفين أحدهما سارعوا، والآخر سابقوا، فالمسابقة إنما تتحقق مع وجود المنافسة، وأما المسارعة فتتحقق مع وجود المنافسة وعدم وجودها، فالواصل إلى الهدف أولاً سابق لغيره وأسرع منه، والواصل إليه عند أوائل الفرص هو مسارع إليه.
والمهم أن الأمر بالمسابقة والمسارعة يمكن أن يتصور لوجود مجموعة أمور الإنسان في حالة صراع معها فمنها:
1 ـ طبيعة الدنيا: أنها دار تصرّم وانقضاء فكل ما فيها عرضة للزوال ولذا كانت الفرص تمرّ مرّ السحاب وعلى الإنسان اغتنامها وإلا انقضت.
2 ـ مجهولية الأجل: حيث إن الإنسان عرضة للموت في أي لحظة فعليه عدم التواني والتأجيل وعدم التسويف إن قد يسبق الموت إلى الإنسان قبل أن يقوم بالفعل.
3 ـ طروء الشواغل: فقد تطرأ على الإنسان إن لم يسارع أمور تؤدي إلى اشتغاله بها مما يعيق عمله في الطاعات فعن الإمام علي عليه السلام: "بادروا بعمل الخير قبل أن تشغلوا بغيره"3.
4 ـ تبدل العزم: حيث قد تنحل عزيمة الإنسان بسبب عروض الشهوات أو بسبب حب الراحة.
5 ـ استغناء المحتاج عن الخدمة أو الحاجة إما لسبق الغير أو لفوت الأمر.
6 ـ وساوس وأحابيل الشياطين: فعن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا هم أحدكم بخير أو صلة، فإن عن يمينه وشماله شيطانين فليبادر لا يكفّاه عن ذلك"4.
فالأولى للإنسان دائماً أن يبادر إلى فعل الخير لا أن يتوان ويسوّف بما قد يؤدي إلى الحرمان من التوفيق لعمل الخير.
1- آل عمران: 133.
2- الحديد: 21.
3- الخصال الحديث أربعمئة، ص620.
4- الكافي باب تعجيل فعل الخير، ح1، ص142.