من ما يلفت النظر في مناسك الحج وآدابه والمسنون من أدعيته وما جاء من آيات الله
فيه أنها ملأى بما يرمز إلى السلام، ونبذ العنف وجملة مما يمكن أن يكون مقدمة له.
ومن ذلك:
1 ـ أصل جعل الحج في شهور هي من الشهور الحرم التي يحرم فيها القتال مطلقاً سواءً
داخل الحرم أو خارجه.
2 ـ جعل جزء الحج البيت الحرام الذي
﴿فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ
وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ
اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ
الْعَالَمِينَ﴾1.
3 ـ قال تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ
فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ
خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى
وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ﴾2. في هذه الآية فرض الله عز وجل مجموعة أمور
تشكل بنفسها مادة للتخاصم فالعنف أو مقدمة له، كأنها تريد أن تقول للحاج عليك أن
تكون في حجك مسالماً موادعاً مأموناً من قبل الحجيج فلا تجادل أحداً ربما حتى لا
ينجر ذلك إلى الخصومة والعنف والسب والشتائم، واجتنب الفاحش من القول، واترك
المحرمات.
4 ـ بل إن الآمن في الحج من الحجاج هو الحيوان فلا يجوز صيد البر ولا أكل ما تم
صيده منه حيث قال تعالى:
﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا
لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ
حُرُمًا وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾3.
5 ـ من المأثورات أنه يستحب للمحرم عند رؤيته البيت الحرام أن يقول: "اللهم أنت
السلام حيِّنا ربنا بالسلام، اللهم زد هذا البيت تشريفاً وتكريماً ومهابة وزد من
حجَّه أو اعتمره تكريماً وتشريفاً".
وما سبق كله يدل على أن من أهداف الحج والإسلام عموماً غرس حب السلام واستئصال روح
العداء والكراهية وفيه تعويد للناس على تحمل بعضهم بعضاً وعدم الإسراع إلى توسل
العنف، والحج تدريب على تحمل ذلك في أحد أشد الحالات المثيرة للضيق والغضب نتيجة
الزحام والتعب والغربة وغير ذلك.
1- سورة آل عمران، الآية: 97.
2- سورة البقرة، الآية: 197.
3- سورة المائدة، الآية: 96.