مما ورد في القرآن الكريم قوله تعالى في الحج: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ
وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن
بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾1.
هذه الآية تتحدث أنه ثمَّة منافع وفوائد للحج تَرَكتها بشكل مُبهم دون التفصيل فيها؛
ربما لتكون التجربة من جهة والتأمل من جهة، إضافة إلى الأثر عن المعصومين هي من
يتكفل ببيانها وذكرها؛ والملفت أن القرآن الكريم لم تكن هذه سنته في بيان التشريعات
فمن المرات النادرة التي ذكر أن للعبادات فوائد أو كما عبر القرآن الكريم منافع؛ مع
العلم أننا لا نشك بوجود منافع دنيوية وأخروية وظاهرية وباطنية وبدنية وروحية
وفردية واجتماعية هذا لم نقل لكل عبادة بل لكل تشريع من تشريعات الإسلام.
ولئن أشار الكثير من المفسرين إلى أن المنافع التي تحدثت عنها الآية تتعلق بالجوانب
الاقتصادية من تجارات وصناعات، إضافة إلى التعارف وآثاره كالمصاهرة وغيرها.
إلا أن ثمة أمراً يستحق التوقف عنده، وهو الشعور الذي يتولد من مشاهدة جموع الحجيج
خصوصاً في عرفات وبعدها إلى مزدلفة فمنى؛ حيث يتدفق الحجيج كسيل أو كنهر انفجر ونبع
من عرفات ويسيل أبيض اللون إلى المشعر الحرام ثم يتجمع هناك ليعود متدفقاً باتجاه
منى وجمراتها حيث يهاجم رموز الشيطان تجلياته رجماً بالحجارة.
حيث يشعر الناظر أن هذا الجمع القليل يمثل نموذجاً للأمة، وهذا الجمع وتدفقه مع
وحدة الهدف ووحدة الوجهة كم أن للأمة أن تكون قادرة على الفعل والتغيير بقلع
شياطينها وشياطين الإنسانية فيما لو توحدت وتنظمت، وكأن المشهد كان ليقول لنا إن
لديكم قوة مهدورة لو فعِّلت لغيَّرت.
1- سورة الحج، الآية: 28.