من بعض ما جَاء في قِصَار حِكَم الإمام علي عليه السلام في نهج البلاغة قوله عليه
السلام : "لا شَرَف أعلى من الإسلام..."(1).
وفي تتمة الحكمة عَدَّد جملةً من مكارم الأخلاق وفضائلها ومحاسن السير، بادئاً
بالإسلام ومُثنياً بالتقوى، ومُثلثاً بالتقوى ومن ثم بالتوبة، وأشار كذلك إلى أصول
الرذائل ومصادر مساوئ الخصال.
وقد بدأ عليه السلام بالإسلام عندما عدَّد المحاسن والفضائل لأنهما به يكون تَمام
نفعها وبه تكون كمال ثمرتها. وأيضاً فإن ناموس المكارم والفضائل مأخوذ من الإسلام،
وما أمر به ونَدَبَ إليه؛ وحثَّ عليه؛ ولذا فإن الانتساب إلى الإسلام من جهة يُلزم
المُنتَسِب بصبغ ذاته بهذه الهوية، وحمل مواصفاتها فيكون هذا الانتساب داعياً
وحاضَّاً على الإتصاف بمكارم الأخلاق ومحامد الصِفات الموجبة للإحترام والتقدير عند
الناس.
ومن جهةِ ثانية فإن الانتماء والإنتساب إلى الإسلام هو من أعلى الشَرَف لِمَا
يَحْمِل الإسلام من قيم ومعارفَ سامية أبهرت وتُبهر العقول؛ وأعجزت ذوي العلم
والتجربة، فإنه انتسابٌ إلى عقيدة ودين مَتين قوي الحجة، غلاَّب في المُحاججة، ظاهرُ
الحقانية. ولذا فإن الإنتماء إلى الإسلام شَرَفٌ من أعلى مراتب الشَّرف.
ومن جهة ثالثة ليست أخير، إن الشَّرف كلَّ الشَّرف والكرامةَ كلَّ الكرامة، ما كان
مُستلزماً لشرف الآخرة فضلاً عن شرف الدنيا، ومما لا شك فيه أن الإسلام شَرَفُ
الدنيا وشَرَفُ الآخرة، شَرَفُ الدنيا وسلامتها من الآفات، وشَرَفُ الآخرة وكرامتها
وعزّها.
(1) نهج البلاغة.