قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى
بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ
بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ
﴾
(1).
لا شك ولا ريب أن كلّ الأيام هي أيام الله، كما الأماكن، كما العباد، كما الخلق،
ومع ذلك فثمة نسبة جرت في القرآن الكريم وفي السنة الشريفة وكذلك على الألسنة لعباد
وخلق وأمكنة وأزمنة؛ فهذا بيت الله، وذاك عبد الله، وتلك أمّة الله، كما أنه ثمة
يوم هو يوم الله، وهذا يدل على ميزة خاصة بها، وفيما نحن فيه بالنسبة إلى أيام الله
فقد قال بعض المفسرين أنها تشير إلى أيام نصر الأنبياء السابقين وأممهم، والأيام
التي شملتهم النِعَم الإلهية، وقد ذكر تعالى بعضاً منها بعد هذه الآية مما يشكل
امتثالاً من موسى للأمر الإلهي بتذكير قومه بأيام الله فقال تعالى:
﴿وَإِذْ قَالَ
مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ
فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ
وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾
(2) وقال
بعض آخر من المفسرين أنها تشير إلى العذاب الإلهي الذي شمل العاصين والطاغين،
والمورد الخاص فيه يشير إلى التحرر من جور الظالمين وسلطة الجبارين، يقول صاحب
تفسير الميزان: «الحرية من أفضل النعم، من الطريف أن الآية أعلاه بعد أن ذكرت «أيام
الله» أشارت بصراحة إلى يوم واحد منها وهو يوم نجاة بني إسرائيل من قبضة الفراعنة
ثم يعود ليقول: «في الآية أعلاه دليل على أهمية الحرية والاستقلال في مصير الأمم»
ثم يعود مكملاً: «ولهذا السبب كان العمل الأول للقادة الإلهيين هو تحرير الشعوب من
التبعية الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية...»(3).
وعلى نفس المنوال ننسخ لنقول إن ثورة الإمام الحسين عليه السلام ونهضته البطولية
كانت لتصنع الحرية والعزة والصلاح لإمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهي وإن
كانت قد انتهت بالشهادة والأسر والسبي إلا أن بركات تلك النهضة وتلك الثورة، وذاك
الجهاد البطولي وتلك التضحيات والمعاناة صنعت النفوس الأبيّة ولا تزال تصنعها في كل
جيل، حيث لم تنقطع بركتها ولن تنقطع كما أخبرت زينب عليها السلام ، وحقّ أن تكون
عاشوراء في وجهها المشرق يوماً من أيام الله بل أحقّ أيام الله التي يجب أن تذكره.
(1) سورة إبراهيم، الآية: 5.
(2) سورة إبراهيم، الآية: 6.
(3) تفسير الميزان، الطباطبائي، ج7، ص463.