من أروع كلماات أمير المؤمنين- عليه السلام- في الكلام والصمت، أو فقل في اللسان قوله-
عليه السلام- في بعض رواية رويت عنه- عليه السلام:
"المرء يَعْثَرُ برجلهِ فَيَبْرأُ، ويَعْثَرُ بلسانهِ فيُقْطَعُ رأسه ولسانه"1.
ومعناها واضح لا يحتاج إلى كثير تفسير حيث اعتبرَ عليه السلام أن الخطأ في المشي قد
يؤدي إلى التعثّر والوقوع بما يؤدي إلى ضررٍ بدني، ما، لكنَّ هذا الضرر قد يرتفع
وتكون هذه حدوده وهي حدود الضرر البدني والألم الجسدي، أما من يُخطئ القول فقد تكون
عاقبته ازهاق الروح عقوبة.
وهذا يعني باللازم جملة من الأمور المفترض رعايتها عند الكلام ومنها:
1- التروّي عند الكلام وعدم الإسراع إليه قبل أمرين:
* الأول: تدبّر عاقبته،
* وثانياً: اختيار عباراته، لأن العِثَار قد يكون باختيار الألفاظ لا
بالمعنى المراد ايصاله مما يفسح المجال للتأويلات، وبالتالي عبث الحسّاد والأعداء
واستغلالهم لهذه العثرات والأخطاء.
2- عدم الإقدام على الدخول في مواضيع لم نستوفِ العلم
فيها ولم نفهمها بشكل كامل لأن ذلك من الأمور التي تسقط أقوالنا عن
الإعتبار فنكون كمن قُطع لسانه.
3- لا بدَّ من تلافي الكلام في الحالات التي تضعف فيها
القدرة على التحكم بالمنطق والبيان لمن يعرف من نفسه ذلك خصوصاً في
حالات التوتر الشديد والغضب.
4- إن العِثار في الكلام ليس فقط في المعانى والألفاظ
وإنما في الهيئات المرافقة له، التي تكون قرائن على المراد منه، ومن ذلك
حركات أعضاء البدن، ومن أبرزها نبرة الصوت علواً وانخفاضاً، وغير ذلك من أحوالها إذ
قد تكون صارفة للكلام إلى غير المعنى المراد وأحياناً إلى بعض أضداده.
من هنا كان الأمر الإلهي بالقول السديد الذي يصيب كبد الهدف ولا يحيد عنه.
1- كنز الفوائد (الكراجكي)، ص86.