من حِكَم الإمام علي عليه السلام: "نِعْمَةُ الجَاهل كروضةٍ في مِزبلة".
تستخدم كلمة نعمة في المال وقد استخدمت كذلك في كل كمال يلحق، والروضة مستنقع الماء
ومَنبت الخُضَرْ، والمزبلة معروفة المعنى فهي أصلاً موضع الزبل ومرماه.
وفي المعنى العام أن الجاهل وإن حصل على النعم الدنيوية بأجمعها فهو غير صالح لها
ولا يليق بها. وأما كون النعمة عند الجاهل كروضة في مزبلة فيمكن تصوير وجوه لذلك
منها:
1- إن كانت النعمة هي الروضة فإن الجاهل هو المشبَّه بالمزبلة وبالتالي فإن النعمة
من جهة لا تغير حقيقة المزبلة وإن غيرت بعض الشيء في الشكل وبالنهاية تزول كما يزول
النبات لتعود المزبلة مزبلة وتظهر بعد خفائها.
2- إنّ في الحكمة إرشاداً إلى ذوي الإنعام إلى أن يكونوا حكماء فيولوا إنعامهم لمن
يستحق لا على أساس كالقرابة والنسب وغيرها.
3- إن الجاهل إن كانت لديه صفات مُحببة ونعمٌ تجتذب الناس إليه فإنها لا تنفع لوجود
صفة الجهل التي هي أقوى المنفرات، وعليه فإن من تجذبهم النعمة مع سوء هذه السجية لن
يكونوا من أصحاب العقول والحكماء، بل سيكونون كرواد المزابل من البهائم وأمثالهم،
وهم الجهلة أمثال صاحب النعمة وأصحاب الأغراض والوصوليين.
4- إن إعطاءَ النعمة للجاهل أمرٌ مجافٍ للحكمة وذلك لأنه لا يتصرف وفق ما تقتضيه
الحكمة لجهله بالنعمة وقيمتها وبمواصفات المستحقين لها، وحتى وإن علم فإن جهله
ينحرف به عن الصواب؛ ولذلك فإنه سيتلفها أو يضعها عند غير أهلها ممن لا يملكون
اللياقة لحيازتها واقتنائها كما أن المزبلة ليست محلاً لائقاً للخضرة.
وعليه فإن من حق النعمة علينا، بل من حق المنعم علينا أن نكون عند حسن ظنه فنحسن
صحبة النعم بحسن اختيار من نستودعه إياها لا سيما المال والعلم.