تخصيص العضوين بلزوم العفة من بين سائر الاعضاء التي يجب حفظها عن المعاصي التي
تصدر منها: كاللسان عن الكلام المحرم، والعين عن النظر الحرام والسمع عن استماع
اللغو واللهو، والبدن عن اللبس المحرم، لابتلاء الإنسان بمعاصيهما أكثر من غيرها.
ولا سيما في أوائل شبابه وأزمنة ثوران شهوته، ولما يبلغ علمه بالله وإيمانه بالأصول
واعتياده بالعبادات حداً يزجره عن الغي ويردعه عن الهوى، ونعوذ بالله من غلبة الهوى
والشهوة على عقل الرجل ودينه. وقد ورد في الكتاب الكريم: أن (الحافظين فروجهم
والحافظات... أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً)[1] وكرر تعالى في سورتين قوله:
(والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين
فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)[2]. فحكم بأنهم مفلحون، وأنهم في جنات
مكرمون.
وقد ورد في النصوص: أنه ما عبد الله بشيء أفضل من عفة بطن وفرج[3].
وأن أفضل العبادة العفاف[4] (العفة والعفاف في اللغة: الكف، وعف الرجل عفة: كف عما
لا يحل ولا يجمل، والعفيف والمتعفف: من يترك الحرام بضرب من الممارسة، وفي اصطلاح
الشرع: حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة، وتكف البطن والفرج عن المشتهيات
المحرمة، بل المشتبهة، والمكروهة من المآكل والمشارب والمناكح وما هو من مقدماتها
ولوازمها).
وأن رجلاً قال للباقر (ع): إني ضعيف العمل قليل الصيام، ولكني أرجو أن لا آكل إلا
حلالاً، فقال له: وأي الاجتهاد أفضل من عفة بطن وفرج؟[5].
وأن النبي (ص) قال: أكثر ما تلج به أمتي النار، وأول ما تلج به أمتي النار:
الأجوفان: البطن والفرج[6].
ومما أخاف بعدي على أمتي شهوة البطن والفرج[7].
ومن ضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه ضمنت له الجنة[8].
ومن أسلم من اتباعهما فله الجنة[9].
وأنه: لا تنسوا الجوف وما وعى[10] (أي: البطن وما يدخل فيه ويمكن أن يكون المراد:
القلب وما يعقد عليه من الإيمان أو الكفر).
وأن الله يحب الحيي المتعفف[11].
وأن الباقر (ع) قال: كلكم في الجنة معنا، إلا أنه ما أقبح بالرجل منكم أن يدخل
الجنة قد هتك وبدت عورته، قيل: وكيف ذلك؟ قال: إن لم يحفظ فرجه وبطنه[12].
وأنه: عفّوا عن نساء الناس تعف نساؤكم[13].
وأن العفيف لا تبدو له عورة وأن كان عارياً، والفاجر بادي العورة وإن كان
كاسياً[14].
وأن من أول من يدخل الجنة رجل عفيف متعفف ذو عبادة[15].
وأن من المروة العفاف في الدين[16].
وأن أعرابياً قال: أوصني يا رسول الله، قال: أوصيك بحفظ ما بين رجليك[17].
* آية الله الشيخ علي مشكيني
[1] الأحزاب: 35.
[2] المؤمنون: 5 ـ 7 والمعارج: 29 ـ 31.
[3] الكافي: ج2، ص79 ـ بحار الأنوار: ج69، ص393 وج71، ص268.
[4] الكافي: ج2، ص79 ـ وسائل الشيعة: ج11، ص198 ـ بحار الأنوار: ج71، ص269.
[5] الكافي: ج2، ص79 ـ وسائل الشيعة: ج11، ص198 ـ بحار الأنوار: ج71، ص269.
[6] الكافي: ج2، ص79 ـ وسائل الشيعة: ج11، ص198 ـ بحار الأنوار: ج71، ص279 و271.
[7] بحار الأنوار: ج71، ص272 و 273.
[8] بحار الأنوار: ج71، ص272.
[9] بحار الأنوار: ج71، ص271.
[10] بحار الأنوار: ج71، ص269.
[11] بحار الأنوار: ج71، ص270.
[12] الخصال: ص25 ـ وسائل الشيعة: ج14، ص272 ـ بحار الأنوار: ج71، ص270.
[13] وسائل الشيعة: ج14، ص270 ـ بحار الأنوار: ج71، ص270.
[14] بحار الأنوار: ج71، ص272.
[15] نفس المصدر السابق.
[16] بحار الأنوار: ج71، ص273.
[17] مشكوة الأنوار في غرر الاخبار: ص60 ـ بحار الأنوار: ج71، ص274.