للعاقل البصير المجرب للأمور إذا أراد الاقدام على أي عمل من أعماله أن يتأمل جميع
جوانب المراد من مقدماته وشرائطه وموانعه وملازماته وعواقبه وآثاره تأملاً تاماً
حتى يكون على بصيرة من غرضه ومرماه، لئلا يعرض له ضرر أو ندامة من ناحية قصور نفسه،
فإن عروض الحوادث غير الاختيارية لا لوم عليه. ثم إن من نتائج التدبر عدم تعجيله في
الاقدام لو لم يحل وقته، ولزوم الاسراع بعده إذا احتمل فوت الفرصة.
والممارسة على هذا الأمر تورثت ملكة فاضلة للانسان ينطبق عليه بذلك عنوان العاقل
الحكيم ذي الحزم والتدبير، وهو من أكمل المراتب الانسانية.
وقد ورد الحث بذلك في نصوص وفيها:
أن التدبير قبل العمل يؤمنك من الندم[1].
وأنه: لا عقل كالتدبير[2].
ومع التثبت تكون السلامة، ومع العجلة تكون الندامة. ومن ابتدأ بعمل في غير وقته كان
بلوغه في غير حينه[3].
وأن النبي (ص) أوصى وأكد في الوصية: بأنه إذا هممت بأمر فتدبر عاقبته، فإن يك رشداً
فامضه وأسرع إليه، وإن يك غياً فانته عنه[4].
وأن علياً (ع) قال عند موته: أنهاكم عن التسرع بالقول والفعل[5].
وأن العاقل لابد أ ينظر في شأنه[6].
وأن الحزم كياسة[7].
وأن الحزم: أن تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك[8].
وأنه: إنما أهلك الناس العجلة، ولو أنهم تثبتوا لم يهلك أحد[9].
وأن الأناة من الله والعجلة من الشيطان[10].
وأن من طلب الأمر من وجهه لم يزل، فإن زل لم تخذله الحيلة[11].
وأنه: إتئد تصب أو تكد[12] (والاتئاد: التمهل والتأني، والمراد: إن فكرت في أمر ن
غير استعجال فإمّا أن تصب هناك أو تعزب عنه).
وأن من لم يعرف الموارد أعيته المصادر[13].
وأن من انقاد إلى الطمأنينة قبل الخبرة فقد عرض نفسه للهلكة والعاقبة المتعبة[14].
وأن الظفر بالحزم، والحزم بإجالة الرأي والرأي بتحصين الأسرار[15].
وأنه: بادر الفرصة قبل أن تكون غصة[16].
وأنه ما أنقض النوم لعزائم اليوم[17].
وأنه: روِّ تحزم فإذا استوضحت فاجزم[18] (أي: تفكر حتى يحصل لك التثبت والصلاح،
فإذا وضح لك ذلك فاجزم بالعمل).
* آية الله الشيخ علي المشكيني – بتصرف يسير
[1] غرر الحكم ودرر
الكلم: ج1، ص372 ـ بحار الأنوار: ج71، ص338 و342 ـ نور الثقلين: ج4، ص3.
[2] غرر الحكم ودرر الكلم: ج6، ص347 ـ بحار الأنوار: ج1، ص95 وج71، ص338.
[3] الخصال: ص100 ـ بحار الأنوار: ج71، ص338.
[4] المحجة البيضاء: ج8، ص165 ـ بحار الأنوار: ج71، ص339.
[5] بحار الأنوار: ج71، ص339.
[6] نفس المصدر السابق.
[7] نفس المصدر السابق.
[8] نفس المصدر السابق.
[9] بحار الأنوار: ج71، ص340.
[10] نفس المصدر السابق.
[11] بحار الأنوار: ج71، ص340 و356.
[12] بحار الأنوار: ج71، ص340 وج78، ص356.
[13] بحار الأنوار: ج71، ص340.
[14] نفس المصدر السابق.
[15] نهج البلاغة: الحكمة 48 ـ غرر الحكم ودرر الكلم: ج1، ص21 ـ بحار الأنوار: ج71،
ص341 وج75، ص71.
[16] نهج البلاغة: الكتاب 31 ـ غرر الحكم ودرر الكلم: ج3، ص241 ـ بحار الأنوار:
ج71، ص341.
[17] نهج البلاغة: الخطبة 241 والحكمة 440 ـ بحار الأنوار: ج71، ص341.
[18] بحار الأنوار: ج71، ص341.