منذ مدة طويلة وحتى الزمن الحاضر لا تزال قضية الحرية محل جدل وأخذ ورد... الحرية بتجلياتها في شتى ميادين الحياة... لكن هل حاول أحد أن يسأل السؤال الأول وهو هل هناك فعلاً حرية... أو فقل هل هناك إمكانية لأن يكون الإنسان حراً؟
إن نفس أن نكون مخلوقين... ونفس أن نكون محدودين ونفس أن نكون رهائن الزمان والمكان، مدينين للموت بأنفسنا... يعني أننا لسنا أحراراً بالمعنى المطلق للكلمة...
بل إننا جئنا لهذا العالم لكي نكون عبيداً: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، لأن العبودية إن كانت لغير الله كانت رقاً وأما إن كانت لله فهي عتق... ولذلك ورد أن التقوى (عتق من كل ملكة). فمن يكن عبداً لغير الله يكن ذليلاً وأما من يكن عبداً لله يكن عزيزاً، (إلهي كفى بي عزاً أن أكون لك عبداً). ولأن الزمان انقلب وانتكس رأساً على عقب انقلبت المفاهيم والقيم رأساً على عقب فأصبح من كان عبداً لله بنظر أهل هذا العصر فاقداً للحرية مكبلاً بقيود الدين والشريعة، وأصبح الإنسان المنفلت من عقال العقل والشرع يكرع من كؤوس الهوى حراً مع أنه عبد لألف ألف شهوة كبلته كخيوط العنكبوت.