بسم الله الرحمن الرحيم
مع بداية انطلاق الدعوة للوحدة الإسلامية وتأسيس بعض التجمعات العلمائية الوحدوية، كانت تواجَه هذه الدعوات وهذه التجمعات بأنها دعوة لالغاء المذاهب وتذويبها في مذهب واحد يهيمن عليها، أو بادعاء أنها تريد أن تأخذ المشتركات بين المذاهب وتنبذ الافتراقات بما يعني صياغة مذهب جديد مختلف عن كل المذاهب المعروفة.
وواضح أن الداعين إلى الوحدة العاملين على تفعيلها لم يريدوا لا هذا المعنى ولا ذاك، وببساطة لأن هذين الأمرين غير واقعيين لا بالمعنى المنطقي ولا بالمعنى العملي، بل إن العلماء المتنورين وعلى رأسهم الإمام الخميني قدس الله سره قصدوا بذلك أولاً امتثال أوامر الله بالوحدة التي تزخر بها نصوص القرآن والسنّة وليس أقلها قوله تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا﴾ْ 1.
وثانياً توحيد الأمة في وجه أعدائها الخارجيين الذين يتربصون بها وبدينها وفكرها وحضارتها ومقدساتها الدوائر. فمقصود هؤلاء الدعاة إلى الوحدة أن تقف الأمة صفاً واحداً في وجه عدوها كائناً من يكون.
وثالثاً لتعيش الأمة أمنها الداخلي عندما يصل أبناؤها إلى قبول بعضهم البعض كما هم وليمارسوا الاختلاف بكل وعي وعلمية واحترام ووقار، فلا يشتم بعضهم بعضاً ولا يحقد بعضهم على بعض ولا يفتري بعضهم على بعض. ولعل أحد أهم أعداء الوحدة هنا هم أولئك الذين يكفرون كل من يختلف معهم بالرأي وليس فقط بالمذهب... إن مواجهة هؤلاء تكون فقط وفقط بالتمسك بأهداب الوحدة والالتفات إلى الكلمات التي نقولها في أي موقع كنا حتى لا نعطي عدونا ما يشعل به نيران الفتن.
قال تعالى: ﴿ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا﴾ 2.
1- آل عمران :103
2-الإسراء :53