نتساءل كثيراً ما الذي يوجب ذلة بعض الناس، أوليس كلنا أبناء آدم وحواء فلماذا نرى أناساً قد وصل بهم الأمر ليس فقط إلى تحمل مهانة الذل بل إلى استمرائه والالتذاذ به، فإذا نظرت إليهم حسبت أنهم جبلوا من طينة غير طينة البشر، أو جاؤوا من عالم آخر فهم مسلوبون أمام ظالميهم ومستعبديهم...
بل أكثر من ذلك إن هؤلاء مخلصون في الانقياد والانسحاق أمام أسيادهم ويظهر هذا الاخلاص منهم في شدة عدائهم لأعداء هؤلاء الأسياد، وهم يجتهدون في معونتهم ويبتكرون أساليب وفنون توسيع دائرة نفوذ مستعبديهم وتوسيع مساحة المستعبدين (بالفتح) قد يخيل إليك جناب القارئ أني أتحدث عن عصور ما قبل التاريخ وعن شعوب وأمم بادت، ونحن في عصر الحرية...
ولكن الحقيقة أنني أتحدث عن عصرنا وزمننا وأهله الذي لم يعد المستعبدون طائفة من الناس، وإنما أصبحوا أمماً وأغرب ما في الأمر أن تكون في أمة الأحرار أمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) شريحة أساسية من مستعبدي العصر الجاهلي الحديث ممن يسكنون القصور وينادون بأصحاب الجلالة والفخامة والدولة...
فهم على شعوب أمتهم مستكبرون وأمام الجبار المستكبر الأمريكي مستلبون، أذلاء يتلذذون بالذلة فبعضهم هامان أمريكا يقدم لها المشورة وتصول بيده على شعوب الأمة...
وبعض قارونها ينفق بسخاء ليشتري الضمائر ويستعبد أبناء الأمة...
حقاً أنهم عبيد مخلصون...