تصدير الموضوع:عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: "رحم الله عبداً أحيا العلم قال: قلت: وما إحياؤه؟ قال: أن يذاكر به أهل الدين وأهل الورع"1.
الهدف: حث الناس على إقامة الجلسات واللقاءات العلمية والمشاركة فيها وتذاكر العلوم النافعة لهم لا سيما علوم أهل بيت العصمة عليهم السلام.
مقدمة
إن العلم من الفضائل التي تزكو على التذاكر والتباحث وسبر أغوار هذا البحر اللامتناهي من المعرفة واستخراج اللألىء التي تغني نفس الإنسان وروحه في الدنيا وترفعه عظيم الدرجات في الآخرة، بدل إضاعة وقته في أمور عبثية ولهوية لا تنفعه في دنياه ولا تنجيه في آخرته، ومن هنا كان من الضروري على كل مسلم أن ينظم وقته بالطريقة التي يخصص فيها وقتاً أساسياً لتذاكر العلم والتباحث به.
فضيلة تذاكر العلم
إحياء القلوب: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "تذاكروا وتلاقوا وتحدّثوا فإنَّ الحديث جلاء للقلوب، إن القلوب لترين كما يرين السيف وجلاؤها الحديث"2.
وفي الحديث دعوة مهمة لا ينبغي التهاون فيها، وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله عز وجل يقول: تذاكر العلم بين عبادي مما تحيى عليه القلوب الميتة إذا هم انتهوا فيه إلى أمري"3.
بركة مجالس تذاكر العلم: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لفضيل: "تجلسون؟؟ وتحدثون؟" قال: نعم، جعلت فداك. قال: " إن تلك المجالس أحبها، فأحيوا أمرنا يا فضيل، فرحم الله من أحيا أمرنا. يا فضيل، من ذكرنا - أو ذكرنا عنده - فخرج من عينه مثل جناح الذباب، غفر الله له ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر"4.
وهنا إشارة إلى ضرورة أن تُذكر مظلوميتهم وسلبهم حقوقهم التي فرضها الله لهم.
وعن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، قال: "سمعته يقول لخيثمة: يا خيثمة اقرئ موالينا السلام، وأوصهم بتقوى الله العظيم، وأن يشهد أحياؤهم جنائز موتاهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم، فإن لقياهم حياة أمرنا. قال: ثم رفع يده عليه السلام فقال: رحم الله من أحيا أمرنا"5.
وعنه عليه السلام يحثّ الناس على عدم التهاون في إحياء مجالس العلم بذكر فضائلهم ومناقبهم:"حدِّثوا عنا ولا حرج، رحم الله من أحيا أمرنا"6.
التسبيح: بل لعله أهم مصاديق التسبيح ومفردات ذكر الله تعالى، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "تعلموا العلم، فإن تعلمه حسنة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة....."7.
أفضل من قيام الليل: فقيام الليل يترك أثره على الإنسان القائم بينما تذاكر العلم يترك أثره عليه وعلى الآخرين، فعن الإمام الباقرعليه السلام: "تذاكر العلم ساعة خير من قيام ليلة"8.
محرمات تذاكر العلم
الإفتاء بغير علم: فمقام التصدي لهذا الأمر له رهبته وخطره الذي لا ينبغي أن يقاربه إلا من اطمئن من نفسه المعرفة، فعن أبي جعفر عليه السلام قال: "من أفتى الناس بغير علم ولا هدى لعنته ملائكة الرحمة، ملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه"9.
عن أبي جعفر عليه السلام قال: "ما علمتم فقولوا، وما لم تعلموا فقولوا: الله أعلم، إن الرجل لينتزع الآية من القرآن يخر فيها أبعد ما بين السماء والأرض"10.
إدخال الشك في قلب السائل: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إذا سئل الرجل منكم عما لا يعلم فليقل: لا أدري ولا يقل: الله أعلم، فيوقع في قلب صاحبه شكاً وإذا قال المسؤول: لا أدري فلا يتهمه السائل"11.
ولعل الحديث ناظر إلى الإجابات الغامضة والملتبسة التي لا تشفي غليل السائل ولا تقدم الشريعة بطريقة واضحة.
عدم قول ما لا يعلم: عن زرارة بن أعين قال: "سألت أبا جعفر عليه السلام ما حق الله على العباد؟ قال: أن يقولوا ما يعلمون ويقفوا عندما لا يعلمون"12.
وتوعَّدت الشريعة هؤلاء المتصدين بغير علم، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: "يا حفص يُغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل ان يغفر للعالم ذنب واحد"13.
إذ أن قول الجاهل غالباً مما لا يؤخذ به بخلافه من العالم فإن قوله يشكل مستنداً ومرجعية للآخرين.
1- أصول الكافي، ج1، ص41.
2- أصول الكافي، ج1، ص41.
3- أصول الكافي، ج1، ص41.
4- ميزان الحكمة، ج1، ص399.
5- عيون اخبار الرضا، الشيخ الصدوق، ج2، ص275.
6- بحار الانوار، ج2، ص151.
7- ميزان الحكمة، ج3، ص2078.
8- ميزان الحكمة، ج3، ص2068.
9- أصول الكافي، ج1، ص42.
10- أصول الكافي، ج1، ص42.
11- أصول الكافي، ج1، ص43.
12- أصول الكافي، ج1، ص43.
13- أصول الكافي، ج1، ص47.