سافرت في العام 1372 - إلى جمهورية نخجوان المستقلة بهدف التبليغ للإسلام. تقع جمهورية نخجوان شمال غرب إيران وتحدها إيران أرمينيا وتركيا وفيها حوالى 300 ألف مسلم شيعي.
بما أن هذه الرحلة كانت الأولى لي لذلك سيطر عليَّ نوع من الخوف والاضطراب ومع ذلك كنت مسروراً جداً لأن الله تعالى قد وفقني لتبليغ دينه في بلد سيطر عليه الفكر الماركسي لمدة طويلة.
كنت أمتلك معلومات قليلة حول هذه الجمهورية الصغيرة، وكان كل شيء فيها جديداً بالنسبة لي.
شعرت بالغربة والوحدة في اللحظات الأولى التي دخلت فيها هذا البلد وكنت منزعجاً من رؤية بعض المشاهد القبيحة ومشاهدة زجاجات الخمر في كل مكان.
في الواقع فإنني دخلت عالماً جديداً لم اعتد عليه. وفي هذه الأجواء كان عليَّ أن أبلغ الإسلام وأن أواجه الأمراض الروحية بأدوية ناجعة ومفيدة. لأن المبلغ يجب أن يكون طبيباً دواراً بطبه يصف العلاج المناسب لكل داء.
بقيت يومين في مدينة نخجوان القديمة ثم انتقلت إلى إحدى المدن المجاورة وهي مدينة "شرور". عندما سمعت اسم هذه المدينة تبادرت إلى ذهني مفاهيم متعددة حول الشر...
دخلت المدينة وذهبت مباشرة للإقامة عند أحد كبارها حيث كان يتولى الأمور الدينية فيها. رفض استقبالي وتعامل معي بنوع من الشدة والخشونة. قال لي: "نحن لا نحتاج إلى إسلامكم نحن ندرك ما يقول الإسلام أفضل منكم".
خرجت من منزله برفقة الأصدقاء الذين كانوا معي. في هذه الأثناء خاطبني المعرّف وقال: "بما أن هذه الأمور قد حصلت سأنقلك إلى مدينة أخرى"، قلت له: لا، لا أرغب بالذهاب إلى مكان آخر، بل سأبقى هنا وأقوم بحل المشكلة.
انتقلت إلى منزل شخص آخر وعند المغرب دعونا ذاك الشخص الكبير إلى العشاء في منزل أحد الأصحاب، فلبى الدعوة، تحدثت معه حوالى أربع ساعات تمكنت خلالها من لفت انتباهه وأقنعته بأن وجودي لا يحمل أي ضرر لهم، لا بل قد يساهم في بعض الفوائد. وبعد تلك الحادثة لم يسمح لي بالبقاء ليلة واحدة خارج منزله، فاصطحبني إلى منزله وخصني بغرفة مستقلة وقال: هذه الغرفة لك ما دمت في هذه المدينة، وأضاف بأن هذا المنزل لي وأنه سيكون مدافعاً عني ولن يسمح لأي شخص بالتعرض لي. وطلب مني أن أعلّم الجميع كل ما أعرف عن الإسلام.
كانت الأوضاع تتحسن يوماً بعد يوم وكان استقبال الناس يزداد أيضاً.. في البداية بدأت بتعليم القرآن في مسجد المدينة وكانوا يدعونني بعض الأوقات إلى القرى المجاورة. كانت البرامج تزداد يوماً بعد يوم حتى أنني كنت أدرس يومياً عدة ساعات وأشارك خطيباً في المناسبات من دون أن يظهر عليَّ أي نوع من التعب، لأنني كنت أشاهد تقدم العمل حيث كان البعض يقصد درس القرآن والأحكام من أماكن بعيدة وفي درجة حرارة تبلغ العشرين تحت الصفر.
كانت الأمور تتحسن وكانت بعض المشكلات تقف حائلاً أمام ذلك كعدم وجود الوقود والتدفئة والبرد القارص والأذى الذي يسببه بعض الأوباش... وقد تمكنا بعون الله تعالى من التغلب على جميع المشكلات.
انقضى فصل الشتاء وجاء الربيع، اغتنمت الفرصة فهيأت الأجواء لاقامة حملة زيارة إلى مشهد المقدسة حيث سافرت مع أربعين شخصاً من المؤمنين إلى مشهد. وقد تركت هذه الرحلة آثاراً وبركات معنوية كبيرة على الأفراد وعلى المدينة.
في الواقع فإن التوفيق الذي حصل نتيجة الصبر والتحمل والعون الذي خصّنا به الله تعالى. وقد تمكنا بعون الله من بناء مسجد كبير باسم الإمام الحسين عليه السلام وقد ساعدنا محافظ آذربايجان الغربية على اقامة صفوف دائمة لتعليم القرآن في هذا المسجد وما زال العمل جارياً حتى الآن.
ثم عملنا على ارسال بعض الطلبة إلى قم لدراسة العلوم الدينية.
نرجو الله تعالى التوفيق والقبول وأن تكون أعمالنا محل رضى صاحب العصر والزمان.
العالم محمد جواد قهرماني