الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
الإسلام وخطاب العولمة
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

                                                     بسم الله الرحمن الرحيم

الحسين عليه السلام وخطاب العولمة

من ضمن خطابات سيد الشهداء عليه السلام، والتي سندرسها في ظلّ خطاب العولمة هي: "... فلعمري ما الإمام إلاّ الحاكم بالكتاب، والقائم بالقسط، والدّائن بدين الحقّ الحابس نفسه على ذات الله..."1، والإمام هو تعبير عن رئاسة البشرية المُنصّبة من قبل الله تعالى.

وقال عليه السلام : ".. وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيه، فإنّ السنة قد أميتت، وإنّ البدعة قد أحييت"2.
وقال عليه السلام : "إنّا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، وبنا فتح الله، وبنا ختم الله، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر، قاتل النفس المحرّمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله..."3.

فالإمام الحسين عليه السلام يؤسس محاور في النظام الاجتماعي السياسي للمسلمين وللبشرية، حيث يقوم هذا النظام على كتاب الله وسنّة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، والعدل والقسط، وهو متمسّك بهذه المبادىء في صراعه مع بني أُميّة.

منابع غريزة الوحدة، ومنابع غريزة الفرقة

من منابع غريزة التفرقة عند الإنسان القوّة الغضبية والقوّة الشهوية وحبّ التملّك والانتماء إلى العائلة والقبيلة والقوميّات والأعراق، وهذا الانتماء يحثّ الإنسان على التفرقة، والنظر بعين مختلفة إلى الآخر، وأمّا منابع غريزة الوحدة والتوحّد مع الآخرين عند الإنسان، فهي روح الإنسان فلا يمكن تمييز روح عن روح، فلا يمكن وصف الروح بأنّها في ذاتها روح عربية أو أعجمية، أو سوداء أو بيضاء، أو شرقية أو غربية، أو شمالية أو جنوبية، أو روح أفريقية أو آسيوية، وهذه الوحدة الروحية تشمل الذكر والأُنثى فكلها روح انسان.

إذن التفرقة من الأرض، ومن الطين، ومن الجغرافيا، ومن الإنسان نفسه الذي يكبّل نفسه بأنواع من القيود والتفرقات، والنزوع نحو التوحّد والوحدة كامن في أصل خلق الروح الواحدة التي خلقها الله تعالى.

القرآن الكريم يشير إلى نزعتين في حياة الإنسان

قال تعالى: ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْض عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الاْرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِين4.
وقال تعالى: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَاىَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ5.
فالقرآن الكريم يشير إلى أنّ الإنسان يحمل نزعتين: النزعة الأُولى تتمثّل في نزعة العداوة المصاحبة للهبوط إلى الأرض، وقال المفسّرون: إنّ العداوة مترتبة على التعب والنصب والكدح التي تحتاج إليها الحياة الدنيا، فيحتاج الإنسان إلى القوّة الغضبية لكي يحمي نفسه، ويحتاج إلى القوّة الشهوية لكي يأكل ويشرب وينكح ويتكاثر.

وهذه القوّة عندما تُنظَّم تخدم الإنسان، ولكن عندما تتفلت تسبّب الكوارث والحروب والاعتداءات وانتهاك الأعراض وسفك الدماء والفساد في الأرض وغصب الأموال ونشر الظلم.

وتشير الآية إلى أنّ هدى الله هو الضمان وصمّام الأمان للإنسان، لكي يحافظ على السلام والحب والعدل وخدمة البشر، والاستقرار النفسي والروحي والسيطرة على الغرائز والشهوات وتشير إلى وجود هذه النزعة التابعة لهداية السماء، وقد يعبّر عنها في سائر الآيات بالفطرة وإلهام التقوى والنفس المطمئنة واللّوامة ونحو ذلك.

الدين الإسلامي لا يتنكّر لنزعة التفرقة عند الإنسان، ولكن يهذّبها الدين الإسلامي لا يتنكّر لنزعات التفرقة، ولا يدعو إلى هدمها، ويعتبرها من حكمة الله، ولكنه يحذّر من الإفراط فيها أو التمادي فيها الذي يسبّب الحروب والكوارث والظلم، قال تعالى ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الاْرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ6.

الإسلام يعترف بالوطنية والقومية، ولكنه لا يجعلها أساساً للتفاضل وهل يعترف الإسلام بالقومية والوطنية والعنصرية والهوية أم أنّه ينفيها تماماً؟
القرآن الكريم لا يتنكّر ولا ينفي ولا يدعو إلى إزالة الهويّات، والانتماء إلى الوطن أو العرق أو القوم.
ونحن نعتقد بخطأ رأي من قال من الكتّاب الإسلاميين: إنّ الإسلام لا يعترف بالمواطنة أصلا والقومية والهوية التي يتّصف بها الإنسان.

هناك إفراط وتفريط في هذه المسألة عند البعض، أمّا آيات سورة البقرة فتوازن بين الإفراط والتفريط في هذه المسألة.
الإسلام يعترف بالمواطنة والهوية القومية والعرقية، ولكنه يوازنها بجانب الوحدة المتمثّل في الجانب الروحي الذي يتحرّك في أجواء الهداية التي تطرحها الآيات المذكورة، والتقوى التي هي أساس التفاضل.

القوميات والوطنيات آليات للمعيشة، وليست أساساً لتقييم الإنسان
القوميات والوطنيات والعنصريات والأعراق المختلفة هي آليات للمعيشة وليست أُسساً للتقييم، فلا يمكن تقييم الإنسان وتفضيلة بموطنه أو قوميته أو عنصره أو عرقه.

الاعتراف بالشعوب والقبائل في القرآن الكريم، والحكمة الإلهية في خلقها
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ7.

وفي الآية عدّة ملاحظات، الملاحظة الأُولى هي: أنّها خاطبت الناس جميعاً، والملاحظة الثانية هي: "أنّها ساوت بين جميع البشر من خلال رجوعهم جميعاً إلى آدم وحواء، فالمصدر واحد، ولا تفاضل بين هذا وذاك، والملاحظة الثالثة: أنّ الآية قالت: ﴿شعوباً جمع شعب، إذن الآية تعترف بتعدد الشعوب، و﴿قبائل، وتعترف بتعدد القبائل وتعدد الأوطان وتعدد الأنساب، قال تعالى: ﴿ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ8.

وبعد أن اعترفت الآية بكل هذه النزعات التي تميّز البشر ذكرت: أنّ الحكمة من خلق الإنسان في مجموعات تمثّلها الشعوب والقبائل، ﴿لِتَعَارَفُوا، قال المفسّرون لكي يعرف كل منّا صاحبه، فلو كان كل البشر بنفس اللون ونفس القالب ونفس الشكل فسيستحيل النظام الاجتماعي، ويزول الأمن البشري، ولا تعرف حينها مع من تعاملت، وإلى من أحسنت، وإلى من أسَأت، ومن تزوجت، وممن اشتريت، وممن بعت....9.

التعارف بين الشعوب عولمة بالمصطلح القرآني
وهناك رأي آخر ذكره المفسّرون، أي: يتبادل بعضكم بعضاً الخبرات والتجارب، وهذه هي العولمة، والقرآن الكريم بحث موضوع العولمة المبنيّة على الحوار وتبادل الاستفادة.
والكثير من الشباب الجامعيين والمثقفين يسمعون بأبحاث جديدة، ويدّعون أنّ الدين لم يعالج هذه المشكلة ـ نظراً لعدم اطلاعهم الكافي ـ فيصيبهم الإحباط والتراجع عن الفكر الديني، والانبهار بالغرب، وما يطرحه من أفكار.
ولكن من المهم أن نعرف المرادفة اللغوية بين اللغة العصرية وبين لغة الدين ولغة القرآن، ومن المهم البحث عن المصطلحات المترادفة التي تعبّر عن معنى واحد.

هناك جوانب ثابتة وجوانب متغيّرة في الإنسان، فالبيئة والوطن والعرق جوانب متغيّرة، أمّا جانب الروح وكمالات الروح والأُمور التي تُصلح الروح وتُفسدها والقيم الأخلاقية فهذه أُمور ثابتة وليست متغيّرة.
غريزة الأكل والشرب والغضب والشهوة والعقل كل هذه الأُمور ثابتة في كل زمان ومكان.

نعم، قد تتغيّر البيئات، ولكن المعاني هي هي لم تتغيّر، وهناك معالجات عديدة يطرحها القرآن الكريم بلغته وبمصطلحاته.
وقد ذكرنا على سبيل المثال: مصطلح اللعن ومرادفاته الحديثة المتمثّلة في الشجب والاستنكار والرفض والبراءة من الطرف الظالم10.

وهذه البحوث تعالجها البحوث المقارنة التي تقارن الفكر "أ" بالفكر "ب".

أهل الاختصاص مدعّوون لخدمة الدين من خلال اختصاصهم

ونحن نوجّه عتبنا على النخب المتخصّصة ; لأنّ بإمكانهم المساهمة في خدمة الدين من خلال تخصّصاتهم المختلفة، فالأطباء مدعوّون لبحث الطب الديني، والباحث في علم النفس مدعو إلى الاطلاع على التراث الديني وأحاديث أهل البيت(عليهم السلام) في معالجة المشاكل النفسية، والاقتصاديون مدعوّون إلى الإطلاع على توصيات الدين في الجانب الاقتصادي، ويستطيعون خدمة الفقهاء في مجال تخصّصهم، وهكذا بالنسبة للسياسيين والإداريين أيضاً مدعوّون أيضاً لدراسة عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر، ونلاحظ أنّ كوفي عنان الأمين العام للامم المتحدة، ذلك المسيحي الذي لا صلة له بعلي عليه السلام لا في اللغة ولا في القوم ولا في الدين، مع ذلك طالب بأن تكون قولة الإمام على عليه السلام لمالك الأشتر، فإنّهم صنفان: "إمّا أخٌ لك في الدين، أو نظير لك في الخالق" 11 هذه المقولة ينبغي أن تكون شعاراً لجميع المنظّمات الحقوقية في العالم، وطالب أن تصوّت دول العالم على أن يكون عهد علي عليه السلام لمالك الأشتر مصدراً من مصادر الأُمم المتحدة، وفعلا صوّتوا على ذلك، فأين نحن من هذا التراث، وماذا قدّمنا له؟ وقد سمعت أنّ الأُمم المتحدة تعتمد على تراث الإمام علي عليه السلام في بعض تشريعاتها، ونحن مطالبون بإقامة مؤتمر أو حفل تكريم لهذا الرجل الذي كرّم تراث علي عليه السلام.

نحن نرجو أن نحقق أعلى مراتب العلم، والوصول إلى النجومية العلمية في كلّ المجالات، لكي نرسم صورة مشرفة لديننا ومذهبنا ووطننا.

التقوى والجوهر مناط تقييم الإنسان، لا المظاهر والترف المادي
إذن قيمة الإنسان في تقواه، كما أشارت الآية الكريمة من سورة الحجرات، والقرآن الكريم يهذّب وجود التعدد، ويطالب بعلومة الهداية والتقوى، واعتبارها أساساً للتفاضل.
والقرآن يطلق كلمة القرى على المدن التي لا تتمتع بالعناية الروحية، ويطلق كلمة المدينة على القرية التي تعتني بالروح وتهذّب النفس ; لأنّ القرآن الكريم ينظر إلى المدنيّة الروحية ويعطيها الجانب المتقدّم على المدنيّة المادية.
وحضارة البدن والصناعة مطلوبة، ولكنها لا تستطيع أن تسمو بالإنسان إلى الدرجات العالية والقرب من الله، والتخلّف قد يكون تخلّفاً روحياً، وقد يكون تخلّفاً مادياً، وهناك عدّة شواهد على أنّ الحضارة الغربية رغم ما توصلت إليه من مستوىً راق في المستوى الروحي إلاّ أنّها تعيش في صحراء روحية قاتلة.

لقمان الحكيم بين المظهر والجوهر
لقمان الحكيم كان حبشياً أسوداً، وكان من أقبح الناس وجهاً، ومع ذلك خيره الله بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة، وكان يأنس النبي داود عليه السلام به، مع أنّ النبي داود كان بهيّ المظهر، وله السؤدد على بني إسرائيل والملك العظيم، كان يأنس بلقمان ويجالسه ويستمع الحكمة منه.

إذن فالمظهر ليس كل شيء، بل هو لا يمثّل شيء إذا لم يستند إلى الجمال الروحي، ولذلك فالآيات السابقة على الآية التي ذكرناها في سورة الحجرات قالت: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْم عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاء عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالاْلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الاْيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ12.

النهي هنا عن الاستهزاء، وذلك لأنّ المظهر قد يكون مظهراً بسيطاً، والجوهر يكون جوهراً عظيماً، ولذلك نهت الروايات عن الاستهزاء بشخص ما، فقد يكون هذا الشخص عبداً مقرّباً من الله فيغضب الله له13.

القرآن الكريم يشير إلى نظرية بالغة الأهمية في الحضارة والثقافة، ونحن نعيش تحدّياتها، وهي: أنّ الأُمم أو الأقوام أو الدول تعيش بينها التحقير والاستنقاص والسخرية والاستهزاء والتوهين والإهانة والتناكر والتهكّم والتنفّر والتقبيح والطعن والتذمّر والنبز والغمز واللمز، وفي مقابلة التحسين والمعاضدة والتعارف والاحترام والتجميل والاستصلاح والانجذاب والتوقير والتبجيل والميل.

آية الله الشيخ محمد سند


1 - الإرشاد 2: 39.
2 - البداية والنهاية 8: 110، قصة الحسين بن علي وسبب خروجه من مكة في طلب الإمامة.
3 - بحار الأنوار 44: 325، باب ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية.
4- البقرة : 36.
5 - البقرة : 38.
6- البقرة: 30.
7 - الحجرات: 13.
8 - الأحزاب : 5.
9 - الميزان : 326.
10- راجع المحاضرة الأُولى، تحت عنوان: اللعن مفهوم قرآني يراد منه البراءة من الظالم ومساندة المظلوم.
11 - ميزان الحكمة 5: 2013، الحديث 13198.
12 - الحجرات: 11.
13 - وسائل الشيعة 1: 116، الحديث 291.

08-06-2013 | 12-09 د | 2674 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net