الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
الحفاظ على الوحدة الإسلامية مع وجود الخلاف
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

                                                      بسم الله الرحمن الرحيم

آراء في الخلاف بين المذاهب الإسلامية

من الأُمور التي نود الإشارة لها في إطار التقريب بين المذاهب الإسلامية، هو أنّ البعض يقول: إنّ المذاهب الإسلامية قائمة على الاجتهادات المحضة المستندة إلى الأدلة الظنية التي قد تكون معتبرة عند هذا المجتهد وقد لا تكون معتبرة عند ذاك المجتهد، والبعض يقول: إنّ الخلاف بين المذاهب خلاف فقهي وليس عقائدي، والبعض يقول: إنّ أُصول الدين عند كل المسلمين واحدة ولا خلاف بين المذاهب عليها.

نحن نعتقد أنّ هذه الأُمور لا تخدم مسيرة التقريب التي نتمنى لها كل التوفيق، وذلك لأنّ هذه الأُمور بعيدة عن الواقع والحقيقة، ونحن تهمّنا الوحدة الإسلامية وكل الأُمة الاسلامية من منطلق أنَّ الإمام الحسين عليه السلام قد أعلن أنّ الإصلاح في أُمّة جدّه، هو هدف الثورة الحسينية، ولم يقل الإصلاح في شيعة أبيه، ممّا يدل على اهتمام الحسين عليه السلام بعموم الأُمة الإسلامية لا بفئة دون فئة.

إذن يجب أن تكون الصراحة والبحث عن الحقيقة وعدم التنكّر لها هي مدار الحوار. والآراء الحقيقية لا تتنافي مع البحث عن المشتركات، ويمكن للحوار أن يشق طريقه بصراحة وعلى أُسس واقعية، والقفز على الحقيقة قد يخلق من الطائفتين طائفة ثالثة تزيد من حدّة الشقاق والخلاف.

الخلاف بين المذاهب واقع في العقائد، كما هو واقع في الفقه
البعض يعتقد أنّه إذا أقرّ أنّ المذاهب الإسلامية تعيش الخلاف العقائدي فيما بينها، فإنّ ذلك سيؤدّي إلى تكفير طائفة لأُخرى، وأنّ أصحاب المذهب المعيّن يرى أنّ أدلته قطعية ويقينية، وحينها سوف يكفّر أتباع المذاهب الأُخرى بناءً على أدلته.
وهم من أجل أن يتخلّصوا من هذه العقدة نفوا أنّ هناك خلاف عقائدي بين المذاهب الإسلامية، ولكننا نرى أنّ الخلاف العقائدي موجود، مع أنّه لا يستلزم تكفير طائفة لأُخرى.

ضرورة التفريق بين الإسلام والإيمان
الدين يتضمّن مرتبتين، المرتبة الأُولى: ظاهر الإسلام الذي يتضمّن الإقرار بالشهادتين بلسانه "الإيمان بالله والرسول صلى الله عليه وآله "، والإيمان بالمعاد وبعض ضرورات الدين، كمودّة أهل البيت عليهم السلام والصلاة وغيرها من ضرورات الدين، ومن وصل إلى هذه المرتبة، فله ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين، ويحرم دمه وماله وعرضه، وله حقوق المواطنة الإسلامية في الأحوال الشخصية والمعاملات، وهذا ليس رأي مدرسة أهل البيت عليهم السلام، بل هذا هو رأي المسلمين جميعاً إذا استثنينا التكفيريين منهم.

المنافقون يعتبرون من المسلمين; لأنّهم يظهرون الإسلام
ويندرج تحت اسم المسلمين المنافقون الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، وهذه الفئة التي توعّدها الله تعالى بأشدّ العذاب، وأنزل فيهم سورة كاملة في القرآن الكريم، والذين فتحت ملفّاتهم في سورة البراءة التي تتضمّن ثلاثة عشر فرقة تناويء النبي صلى الله عليه وآله، مع ذلك لم يخرجهم النبي صلى الله عليه وآله من ظاهر الإسلام ومن دائرة المسلمين، وهذا الطرح يسانده القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿قَالَتْ الاْعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الاْيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ1.

فالقرآن الكريم يفرّق بوضوح بين المسلمين والمؤمنين، وهذه حقائق قرآنية لا يمكن معارضتها، كما لا يوجد أيّ كتاب كلامي ينكر التفريق بين المسلمين والمؤمنين، وهذا ممّا أجمعت عليه الأُمّة الإسلامية.
الإيمان مرتبة أرقى من الإسلام والمرتبة الثانية: وهي المرتبة الأرقى، وهي مرتبة الإيمان، والإيمان هو الإسلام الحقيقي الواقعي في الظاهر والباطن، وهي المرتبة التي تؤهّل الإنسان المؤمن للوصول إلى رضا الله تعالى، ودخول الجنّة، والحصول على ثواب الله تعالى.

الإمامة والعدل من أُصول الدين عند أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام
أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام يعتقدون أنّ العدل والإمامة من أُصول الدين، ويستندون إلى أدلة قطعية كما يعتقدون، منها على سبيل المثال: قوله تعالى ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الاْسْلاَمَ دِيناً2.

فالدين الذي يتضمّن التوحيد والعدل والنبوة والمعاد لم يتم إلاّ والمعاد لم يتم إلاّ بعد إثبات إمامة علي عليه السلام يوم الغدير، فكيف لا نجعل الإمامة من أُصول الدين، والدين لم يكن مرضياً عند الله تعالى إلاّ بالإمامة؟!
وكذلك آية المودة ﴿قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى 3.

أي: أنّ الدين في كفّة بما يتضمّنه من توحيد وعدل ونبوة ومعاد، ومودة أهل البيت عليهم السلام في كفّة أُخرى، فهل من المناسب أن تكون الإمامة ومودّة أهل البيت عليهم السلام من ضمن فروع الدين وهي أجر الرسالة وجهد النبي صلى الله عليه وآله وهذه حقائق قرآنية وليست من باب المغالاة، كما يتّهمنا البعض.

أُصول الدين في مرتبة الإيمان تختلف عن أُصول الدين في مرتبة الإسلام
في مدرسة أهل البيت عليهم السلام هناك أُصول الدين في مرتبة الإيمان، وتتكوّن من التوحيد والعدل والنبوة والإمامة والمعاد يوم القيامة، أمّا أُصول الدين في مرتبة الإسلام، فتتضمّن التوحيد والنبوة والمعاد، وهي الأُمور التي إذا أظهرها إنسان معيّن أصبح مسلماً في الظاهر.

أُصول الدين تتضمّن مفهوم التوحيد
أُصول الدين كلها تتضمّن مفهوم التوحيد، فهناك توحيد في الذات وتوحيد في الصفات، والنبوة توحيد في التشريع، والإمامة توحيد في الحاكمية السياسية والحاكمية القضائية والحاكمية التنفيذية، ونحن نعتقد أنّ الإمام مرتبط بالله في كل شيء، ابتداءً من الأُمور الجزئية وانتهاءً بالأُمور الكلية; لأنّ الإمام يمثّل مشيئة الله لا يعصي الله ما أمره ويفعل ما يؤمر.

الإمامة توصل إلى طاعة الله

الإمامة توصل إلى طاعة الله في الأُمور الدينية والشؤون المالية والقضايا السياسية والعسكرية والتشريعية، وفي كل الأُمور قال تعالى: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْر* سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ4، ففي كل سنة يتنزّل البرنامج السنوي الذي يتضمّن كل أمر من الله على الإمام في ليلة القدر.

الإيمان النظري والإيمان العملي في سورة الحمد
سورة الحمد تتضمّن جزئين، الجزء الأوّل: يتضمّن الإيمان النظري والتوحيد والنبوة والمعاد، ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ* الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ* مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ* إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ5.
الجزء الثاني: يتضمّن الإيمان العملي، ويتضمّن مفهوم الإمامة، ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ6.

وهذا الصراط هم أهل البيت عليهم السلام ; لأنّهم مطهّرون ومعصومون، فهم صراط مستقيم، وهذا الصراط ليس صراط النبي صلى الله عليه وآله لوحده; لأنّ الآية لم تقل: صراط الذين أنعمت عليه، وإنّما قالت: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِم بالجمع، فهم أهل البيت المعصومين عليهم السلام الذين لا يصحّ وصفهم مطلقاً بأنّهم مغضوب عليهم أو أنّهم ضالين، أمّا غير المعصوم فقد يغضب الله عليه إذا عصى، وقد يضل كما يضل الآخرون; لأنّه غير معصوم، وأهل البيت عليهم السلام هم الذين باهل بهم النبي نصارى نجران، واختارهم من بين جميع الأُمّة بما فيها الصحابة وزوجات النبي صلى الله عليه وآله، ولو تتبعنا تاريخ أهل البيت عليهم السلام لما رأينا أنّهم ضلّوا في أيّ جانب من جوانب الحياة، أو أنّهم ظلموا أحداً، أو غضب الله عليهم، أو أنّهم عبدوا وثناً، أو شربوا خمراً، أو عصوا الله، أو أشركوا به طرفة عين أبداً.

حديث الفرقة الناجية كدليل على ما نقول
وفي حديث الفرقة الناجية الذي رواه المسلمون، واتّفقوا عليه، والذي يتضمّن هذا المعنى: "ستفترق أُمتي على ثلاث وسبعين فرقة، فرقة منها ناجية... نفس هذا الحديث يستفاد منه ما ذكرناه من التفريق بين الإسلام والإيمان، فهو لم يخرج غير الناجين من الإسلام، ولكنه اعتبرهم من "أُمتي"، أي: من المسلمين، مع أنّهم من غير الناجين، ومن غير المعقول أن تكون النجاة التي اعتمدت عليها الفرقة الناجية هي نجاة تعتمد على فرع من الفروع، وليس على أصل من الأُصول.

إخوانناً أهل السنة والجماعة يرون أنّ من لا يعتقد بفضائل الخلفاء الثلاثة الذين حكموا بعد النبي صلى الله عليه وآله، أو فضائل زوجات النبي، ومن ينتقد هؤلاء وينكر عليهم أفعالهم، يعتقدون أنّ هذا الشخص ليس مؤمناً، وإنّما هو مسلم فقط، وإن كانوا يعتقدون بأنّ الخلافة من فروع الدين، وليست من أُصول الدين، كما ذهب إلى هذا الرأي التفتازاني في شرح المقاصد 7، والشريف الجرجاني في شرح المواقف 8.

إذن أهل السنّة يبنون العقيدة على ما حدث بعد النبي صلى الله عليه وآله، وهم يعتقدون أنّ فضائل الثلاثة الذين حكموا بعد النبي صلى الله عليه وآله أدلتها قطعية، وينفون الإيمان عمّن لا يعتقد بها، ولكن لا يقولون بكفره، هذا إذا استثنينا التكفير بين المتعصّبين.

ومذهب أهل البيت عليهم السلام يعتقد أنّ أدلة إمامة الأئمة عليهم السلام واعتبار الإمامة من أُصول الدين تستند إلى أدلة قطعية، وأنّها من لوازم الإيمان إلاّ أنّهم لا يكفّرون من لا يعتقد بها، بل يعتبرونه مسلماً، ولكنه ليس مؤمناً.
السيد المرتضى والشيخ الطوسي والشيخ المفيد، قالوا: إنّ النص تارة يكون نصّاً جليّاً، وتارة يكون نصّاً خفيّاً، والمنكر للنّص الجلي يخرج عن ظاهر الإسلام، أمّا المنكر للنصّ الخفي، فلا يخرج عن ظاهر الإسلام; لأنّه ربما يعذر لعدم فهمه للنصّ الخفي، وقد يكون النصّ خفياً ومع ذلك يحمل في طيّاته دليلا يقينياً9.

وهنا ملاحظة نود الإشارة إليها، وهي أنّه قد يرد تعبير الكفر لبعض المسلمين، ولكن لا يعتبر تكفيراً في مقابل الإسلام أو أنّه إخراج من الدين الإسلامي; لأنّ الكفر على درجات، منها: كفر النعمة ـ على سبيل المثال ـ وقد ورد الكفر تعبيراً عن عدّة معاني في القرآن الكريم. ونحن إذ نشكر روّاد الوحدة الإسلامية، والتقريب بين المذاهب على جهودهم المباركة في توحيد الأُمّة الإسلامية نلفت نظرهم إلى هذه المسائل المهمّة.

وفقهاء أهل البيت وكتبهم شاهدة على أنّهم يحترمون المسلمين، ويدعون إلى حفظ دمائهم وأموالهم وحقوقهم، وكذلك علماء أهل السنّة يقولون بهذا الرأي في كتبهم الفقهية، ولكن يجب التصدّي لأولئك المتعصّبين الظالمين الذين يثيرون الفتن الطائفية في پاكستان وأفغانستان وفي باقي بلاد المسلمين.

آية الله الشيخ محمد سند


1- الحجرات 49: 14.
2 - المائدة 5: 3.
3- الشورى 42: 23.
4-القدر 97: 4 ـ 5.
5 - الفاتحة 1: 1 ـ 5.
6 - الفاتحة 1: 6 ـ 7.
7-شرح المقاصد 5: 232، الفصل الرابع ـ في الإمامة.
8- شرح المواقف 8: 344، المرصد الرابع في الإمامة ومباحثها.
9-الشافي في الامامة 2: 67. تلخيص الشافي 2: 65.

28-01-2014 | 13-27 د | 2801 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net