الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
تقديس الاختلاف!!
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

 بسم الله الرحمن الرحيم

إن العلاقة بين الدين والمعرفة الدينية شعبة من شعب العلاقة بين العلم والمعلوم. هي علاقة كشف أو وهم، علاقة إصابة أو خطأ وبمقدار ما يتطابق العلم مع المعلوم، أي بمقدار ما يكون المعلوم بوجوده الذهني متطابقاً مع المعلوم بوجوده الواقعي بمقدار ما يكون العلم علماً وفيما عدا ذلك يكون جهلاً، ويكون ما نحسبه معرفة دينية هو جهل بالدين يسمى بالجهل المركب. وهذه القضية استوجبت منا الوقوف عند فكرة الحقيقة والحقيقة الكاملة في تمهيد خاص حددنا فيه أيضاً مقصودنا من المعرفة الدينية.

ولقد قرأت الكثير مما كتب حول موضوع العقل والنص خاصة فيما صدر عن تيارات ثقافية معاصرة مثل ما كتبه سروش في كتابه قبض وبسط الشريعة، ومثل ما كتبه نصر حامد أبو زيد، وما كتبه الجابري واركون وآخرين. ولست أغالي إن قلت أنني وجدتها متشابهة تكرر نفسها ولا تختلف إلا في التفاصيل القليلة.

والملاحظ فيما كتب حول العقل ضياع مفهوم العقل، وصار مصطلحاً يفسره كل واحد على مزاجه أو يطلقه من دون تفسير، لتكتشف لاحقاً أنه يقصد معنى يختلف كلياً عن المعنى الذي تتوهم أنه مقصود، حتى صار للعقل جنسية يمكن أن ينسب إلى بلد أو منطقة جغرافية، مع أن العقل من أشد الأمور تحرراً من هذه التحديدات، إلا إذا أطلق العقل على المناهج نفسها أو على المعقولات، وفي هذه الحال يكون التشويش في استعمال مصطلح العقل أوضح. من هنا رأينا من المناسب أيضاً أن نتحدث عن مفهوم العقل حتى يتضح مقصودنا منه ونحن نتحدث عن دور العقل.

يجدر بي الاعتراف سلفاً بحق الآخرين في إبداء الرأي ما دمنا أمام بحثٍ فكريٍ مع غض النظر عن انتماءات الأشخاص السلوكية والحياتية. فربما ناقشنا من لا يملك في سلوكه أي قرب مع الدين إذا طرح فكرة مرتبطة بالعقل والمعرفة الدينية ذات علاقة ببحثنا، وربما أيدناها، وربما رفضنا فكرة قالها ملتزمون صادقون بالإسلام فكرياً وسلوكياً. فكون المرء محكوماً عليه بالفسق أو الكفر لا يمنع من أن نأخذ من أقواله ما هو حق، هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها"[1]، وقال أمير المؤمنين علي عليه السلام: "الحكمة ضالة المؤمن فخذ الحكمة ولو من أهل النفاق"[2]، وعن الإمام الصادق عليه السلام: "الحكمة ضالة المؤمن فحيثما وجد أحدكم ضالته فليأخذها"[3].

وعلى هذا الأساس استعرضنا آراء من اختلفنا معهم، وليس انطلاقاً من مقولة ذاع صيتها في العصر الحاضر تؤكد على حسن الاختلاف، فهي مقولة لا نستطيع الإقرار بها بعرضها العريض، نعم نقر بها في حدود أننا لما كنا غير معصومين كان الاختلاف في الآراء من لوازم عدم عصمتنا، فيكون الاختلاف سبيلاً من سبل اكتشاف الحق إلا أن هذا لا يعني تقديس الاختلاف واعتباره حقاً أصيلاً يمنعنا من السعي للإتفاق، ومن الإقرار بوجود مكان ما يمكن بالرجوع إليه أن يزول الاختلاف. ولقد ذم القرآن الكريم الاختلاف في عدد من آياته فقال عن الذين اختلفوا في الكتاب: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ[4]، وذم الاختلاف فقال: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم[5].

فاعتبر الاختلاف عن بغي بينهم، وأن نعمة الله تكون بهداية الذين آمنوا لما اختلفوا فيه. واعتبر رفع الاختلاف من أهداف إنزال الكتاب: ﴿وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ[6]. وإذا جعل أهل البيت عليهم السلام صنو الكتاب في الحديث المشهور المتواتر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إني تارك ( أو مخلف) فيكمن الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض" وروي بصيغ مختلفة بمضومن مشابه[7]، كانت النتيجة أن رفع الضلال والذي منه الاختلاف لا يكون إلا بالرجوع إلى القرآن الكريم وأهل البيت عليهم السلام.

يعيدنا هذا إلى البحث من جديد عن دور العقل، إلا أننا نريد أن نشير بما اقتصرنا على نقله إلى عدم صحة ما يشاع من تقديس الاختلاف. وإن أسوأ ما تبتلى به نخب الأمة أن تقلد غيرها في المقولات والأفكار من دون تمحيص أو تدقيق أو تحديد لأطر تلك المقولات، وأين تصح وأين لا تصح، فتصير مسلمات تصادر بها العقول، خاصة الناشئة من الجامعيين الذي يتربون على أفكار ويؤسسون علياه كأنها مسلمات، وهم مع ذلك يتحدثون عن حرية في الفكر والرأي.

* سماحة الشيخ مالك وهبي العاملي


[1] سنن الترمذي للترمذي، ج4، 155.
[2] نهج البلاغة، ج4، ص18، شرح الشيخ محمد عبده.
[3] الكافي، للشيخ الكليني، ج8، ص167.
[4] سورة البقرة، الآية176.
[5] سورة البقرة، الآية213.
[6] سورة النحل، الآية64.
[7]- راجع على سبيل المثال عيون أخبار الرضا عليه السلام – الشيخ الصدوق، ج1، ص68، ووسائل الشيعة (الإسلامية)، الحر العاملي، ج81، ص19 والإرشاد- الشيخ المفيد، ج1، ص176، والآمالي – الشيخ الطوسي، ص548، والسنن الكبرى – النسائي، ج5، ص45، وتاريخ اليعقوبي- اليعقوبي، ج2، ص111، والبداية والنهاية- ابن كثير، ج5، ص228.

27-03-2015 | 16-25 د | 2829 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net