بسم الله الرحمن الرحيم
يعتبر مصطلح الوطن من المصطلحات الدخيلة على ثقافتنا العربية والاسلامية، إثر سيطرة
الاستعمار على البلاد الاسلامية، خصوصا بعد الحرب العالمية الأولى. وكان الهدف من
بث هذا المفهوم وأمثاله تقسيم البلاد الاسلامية إلى دول وأقاليم متعددة ومتناحرة،
بغية تسهيل السيطرة عليها وعلى ثرواتها.
يمكن تعريف الوطن في الثقافة المعاصرة بأنه "بقعة جغرافية توافق سكانها على إدارتها
وتنظيم شؤونها بطريقة معينة".
والبقعة الجغرافية تستلزم وجود حدود معينة، تبين بداية ونهاية ومساحة هذه البقعة،
التي تشغلها الجماعة التي تقطن المنطقة.
ان افتراض الحدود للوطن يعني نهايته وبداية وطن آخر لجماعة أخرى من الناس، التي
تشغل بقعة أخرى وهكذا.
أما تحديد هذه الحدود، وبيان نقاطها وخصائصها فليس بالأمر السهل، لأن الغاية الأساس
من اشغال الأرض هي الاستفادة من خيراتها، والتمتع بمقدراتها، ولازم ذلك أن تعمل كل
فئة وجماعة على السيطرة على أكبر قدر ممكن من الأرض، ويزداد هذا السعي حدة وجدية
إذا كانت الأرض المفروضة ذات ثروات معينة، ومواد مهمة بالنسبة لحياة الانسان، مما
يؤدي إلى التنازع والتناحر بين الفئات للسيطرة على هذه الثروات والبقع الجغرافية.
وإذا ما أجرينا مسحاً للعديد من الدول والبلدان التي طالها التقسيم أبان حقبات
الاستعمار الغربي سنجد أنه لا يوجد بلدان متجاوران إلا وبينهما ملفات نزاعية مختلفة
سواء على صعيد ترسيم الحدود الجغرافية أو حول بعض الملفات الأخرى الحساسة.
والاستعمار تقصد هذا الأمر حتى تبقى هذه الدول وخصوصا في الشرق الإسلامي منهكة
وضعيفة ومتلهية عن قضاياها الأساسية وبعيدة عن النمو السريع في مجالات العلم
والتكنولوجيا والعلوم الإنسانية.