الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
العقيدة ومواجهة المصائب
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

تخفف العقيدة في نفوس معتنقيها من الضغوط والأزمات النفسية التي يتعرضون لها، فتصبح ضعيفة الأثر والأهمية، ضمن أساليب عديدة، منها:

أ ـ بيان طبيعة الحياة الدنيا التي يعيش فيها الإنسان: وهذه المعرفة سوف تظهر بصماتها واضحة في وعيه وسلوكه، فالعقيدة من خلال مصادرها المعرفية تبين طبيعة الدنيا وتدعوا إلى الزهد فيها.

يقول الإمام علي (ع): «أيُّها الناس، انظروا إلى الدنيا نظر الزاهدين فيها، الصادفين عنها، فإنَّها عما قليل تُزيلُ الثاوي الساكن، وتفجعُ المترف الآمن.. سرورها مشوب بالحزن..»[1].

وقال أيضا:... «وأُحذركم الدنيا، فإنّها دارُ شخوص، ومحلَّةُ تنغيص، ساكنها ضاعن، وقاطنها بائن، تميدُ بأهلها مَيَدان السفينة..»[2].

وكان من الطبيعي والحال هذه أن تحذّر العقيدة من التعلق بأسباب الدنيا الفانية الذي ينتج آثارا سلبية تنعكس على نفس المسلم، فعن علقمة، عن عبداللّه، قال: نام رسول اللّه (ص) على حصير فقام وقد أثّر في جنبه، فقُلنا: يا رسول اللّه، لو اتخذنا لك وطاءً؟ فقال (ص): «ما لي وللدُّنيا، ما أنا في الدنيا إلاّ كراكب استظل تحت شجرة ثمَّ راحَ وتركها»[3].

ويقول وصيه الإمام علي (ع): «وأُحذركُم الدنيا فإنّها منزلُ قُلعة، وليست بدار نُجعة، قد تزيّنت بغُرورها، وغرَّت بزينتها، دارُها هانت على ربِّها، فخلط حلالها بحرامها، وخيرها بشرها وحياتها بموتها، وحلوها بمُرِّها لم يُصفها اللّه تعالى لأوليائه، ولم يضنَّ بها على أعدائه، خيرُها زهيد وشرُّها عتيد. وجمعها ينفدُ، ومُلكها يُسلب، وعامرُها يخربُ. فما خيرُ دار تنقضُ نقضَ البناء، وعُمر يفنى فيها فناء الزَّاد، ومُدَّةٍ تنقطعُ انقطاع السير..»[4].

 يقول الشيخ الديلمي: ما عبر أحد عن الدنيا كما عبر أمير المؤمنين (ع) بقوله: «دارٌ بالبلاءِ محفوفة، وبالغدر معروفة، لا تدوم أحوالها، ولا تسلم نزالها، أحوالها مختلفة، وتارات متصرفة، والعيش فيها مذموم، والأمان فيها معدوم، وإنّما أهلها فيها أغراض مستهدفة، ترميهم بسهامها، وتفنيهم بحمامها...»[5].

 وكان من الطبيعي أن يؤدي هذا الادراك العميق للدنيا إلى حذر شديد منها، ويكفينا الاستدلال على ذلك: سأل معاوية ضرار بن ضمرة الشيباني عن أمير المؤمنين (ع)، فقال: أشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله، وهو قائم في محرابه، قابض على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: «يا دنيا! يا دنيا!! إليك عني، أبيَّ تعرّضتِ؟! أم إليَّ تشوّقتِ؟! لا حان حينك، هيهات غرّي غيري، لا حاجة لي فيك، قد طلّقتك ثلاثا، لا رجعة فيها، فعيشك قصير، وخطرك يسير، وأملك حقير، آه من قلّة الزّاد، وطول الطريق، وبعد السفر، وعظيم المورد»[6].

 ومن جملة تلك الشواهد، نجد أنّ العقيدة تكشف طبيعة الدنيا وعاقبة من ينخدع بها أو يركن اليها، وتبين قصور رؤية من ينشد الراحة التامة فيها، عن الصادق (ع) أنّه قال لأصحابه: « لا تتمنّوا المستحيل، قالوا: ومن يتمنى المستحيل؟! فقال (ع): أنتم، ألستم تمنّون الراحة في الدّنيا؟ قالوا: بلى، فقال (ع): الرّاحة للمؤمن في الدنيا مستحيلة »[7].

ب ـ إنّ المصائب تستتبع أجرا وثوابا: الأمر الذي يخفف من وقع المصائب على الإنسان، فيواجهها بقلب صامد، ونفس مطمئنة إلى ثواب اللّه ورحمته، فلا تترك في نفسه أثرا أكثر مما تتركه فقاعة على سطح الماء.
يقول الرسول الأكرم (ص): «المصائب مفاتيح الأجر»[8].

وكتب رجلٌ إلى أبي جعفر (ع) يشكو إليه مصابه بولده، فكتب إليه (ع): «أما علمت أنّ اللّه يختار من مال المؤمن ومن ولده ونفسه ليأجره على ذلك»[9].

جـ ـ إلفات نظر المسلم إلى المصيبة العظمى: وهي مصيبته في دينه، مما يهوّن ويصغّر في نفسه المصائب الدنيوية الصغيرة، وهي حالة امتصاص بارعة للضغوط النفسية تقوم بها العقيدة، ويحتل هذا التوجه مركز الصدارة في سيرة أهل البيت التربوية، روي أنّه رأى الصادق (ع) رجلاً قد اشتدّ جزعه على ولده، فقال (ع): «يا هذا جزعت للمصيبة الصغرى، وغفلت عن المصيبة الكبرى، لو كنت لما صار إليه ولدك مستعدّا لما اشتد عليه جزعك، فمصابك بتركك الاستعداد له، أعظم من مصابك بولدك»[10].

وكان أبو عبداللّه (ع) يقول عند المصيبة: «الحمدُ للّه الذي لم يجعل مصيبتي في ديني، والحمدُ للّه الذي لو شاء أن يجعل مصيبتي أعظم ممّا كانت، والحمدُ للّه على الأمر الذي شاء أن يكون فكان»[11].

من جميع ما تقدم، نخلص إلى أنّ العقيدة تصوغ نفوسا قوية مطمئنة، تواجه عواصف الأحداث بقلب صامد ومطمئن إلى قضاء اللّه وقدره، وترسم العقيدة للإنسان خطّ سيره التكاملي، وعليه فالإنسان بلا عقيدة كالسفينة بلا بوصلة، سرعان ما تصطدم بصخور الشاطئ فتتحطم.
 
الأستاذ عباس ذهبيات – بتصرف يسير


[1] نهج البلاغة، صبحي الصالح: 148 خطبة / 103.
[2] نهج البلاغة: 310.
[3] سُنن الترمذي 4: 508 / 2377 باب 44 ـ دار الفكر ط 1408 ه.
[4] نهج البلاغة، صبحي الصالح: 167 / خطبة 113.
[5] ارشاد القلوب، للديلمي 1: 30 ـ منشورات الرضي ـ قم.
[6] تنبيه الخواطر، الأمير ورّام 1: 79 / باب العتاب.
[7] أعلام الدين، للديلمي: 278.
[8] بحار الأنوار 82: 122 ـ عن مسكن الفؤاد.
[9] بحار الانوار 82: 123 ـ عن مشكاة الانوار: 280.
[10] روضة الواعظين، للفتال النيسابوري: 489 ـ منشورات الرضي ـ قم.
[11] الكافي، للكليني 3: 262 / 42 باب النوادر.

07-02-2017 | 12-56 د | 2223 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net