المقدمة
ولد الإمام الهادي عليه السلام أواسط ذي الحجة عام 212هـ. في منطقة"حريا" الواقعة
في أطراف المدينة. والده الإمام التاسع أي الإمام الجواد عليه السلام ووالدته"سمانة
المغربية"إنسانة طاهرة صاحبة فضائل. تولى الإمامة بعد شهادة والده عام 220هـ.ق وكان
له من العمر ثمان سنوات. عاصر الإمام علي الهادي عدد من الخلفاء العباسيين وهم:
1 ـ المعتصم، أخ المأمون (217-227).
2 ـ الواثق، ابن المعتصم (227-232).
3 ـ المتوكل، أخ الواثق (232-248).
4 ـ المنتصر، ابن المتوكل(6 أشهر).
5 ـ المستعين، ابن عم المنتصر(248-252).
6 ـ المعتز، ابن المتوكل(252-255).
استشهد الإمام الهادي عليه السلام في أيام الخليفة الأخير بواسطة السم، ودُفن في
منزله بسامراء. فيما يلي سنتحدث حول أساليب قيادة الإمام عليه السلام بالأخص وأنه
عاصر ستة من الخلفاء، ونشير في أثناء ذلك إلى أبرز الأعمال التي قام بها الإمام
طوال مدة قيادته.1
أساليب الإمام الهادي عليه السلام الجهادية
1 ـ النفوذ داخل رجال الدولة
ساهمت الشخصية العلمية والمعنوية للإمام الهادي عليه السلام في جعله محبوباً بين
موظفي الدولة وأركان الحكومة. عندما أدخل هرثمة الإمام عليه السلام إلى بغداد،
خاطبه إسحاق بن إبراهيم الطاهري وكان والياً على بغداد: هل تعلم من هو المتوكل)أي
هل تعرف مقدار خبثه وسوءه (فلو شجعته على قتل هذا الشخص لقتله ومن يقتل الإمام
سيكون عدواً للرسول صلى الله عليه وآله وسلم . عند ذلك قال هرثمة: والله لم أرى
منه إلا خيراً.2
وهود وصيف التركي (وهو أحد الأمراء الأتراك الكبار في الخلافة العباسية) هرثمة
اعتبره مسؤولاً عن الإمام الهادي عليه السلام . وكان الإمام عليه السلام يحظى
باحترام خواص الحكومة ورجال القصر.
أسباب نفوذ الإمام عليه السلام بين رجال الدولة
ألف ـ حل المشاكل
قيل مرض المتوكل من خراج خرج به، فأشرف منه على التلف، فلم يجسر أحد أن يمسّه
بحديدة، فنذرت أمه إن عوفي أن يحمل إلى أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام مالاً
جليلاً من مالها.
وقال له الفتح بن خاقان: لو بعثت إلى هذا الرجل يعني أبا الحسن فسألته فإنه ربما
كان عنده صفة شيء يفرّج الله به عنك، قال: ابعثوا إليه فمضى الرسول ورجع، فقال:
خذوا كسب الغنم فديفوه بماء ورد، وصفّوه على الخراج فإنه نافع بإذن الله.
فجعل من بحضرة المتوكل يهزء من قوله، فقال لهم الفتح: وما يعزّ من تجربة ما قال،
فوالله إني لأرجو الصلاح به، فأحضر الكسب، وديف بماء الورد ووضع على الخراج، فانفتح
وخرج ما كان فيه وبشرت أم المتوكل بعافيته فحملت إلى أبي الحسن عليه السلام عشرة
آلاف دينار تحت ختمها فاستقل المتوكل من علته.3
ب ـ العلم الفياض
يقول يحيى بن هرثمة: ... فبينا أنا في يوم من الأيام والسماء صاحية والشمس طالعة،
إذ ركب عليه السلام وعليه ممطر، وقد عقد ذنب دابته، فعجبت من فعله، فلم يكن بعد ذلك
إلا هنيهة حتى جاءت سحابة فأرخت عزاليها، ونالنا من المطر أمر عظيم جداً، فالتفت
إليَّ، وقال: أنا أعلم أنك أنكرت ما رأيت، وتوهمت أني علمت من الأمر ما لا تعلمه،
وليس ذلك كما ظننت، ولكني نشأت بالبادية فأنا أعرف الرياح التي يكون في عقبها المطر،
فلما أصبحت هبت ريح لا تخلف، وشممت منها رائحة المذر، فتأهبت لذلك.4
وعلى هذا الأساس كان الكثير من الناس وعمال الحكومة يتوجهون إلى الإمام عليه السلام
للوصول إلى علمه الفياض. وهكذا تمكن الإمام عليه السلام من الاستفادة من علمه لأجل
الدعوة الإلهية في ظل ما كانت تعيشه الخلافة من خفقان واضطراب.
* مجلة مبلغان
1- حريا قرية تبعد ثلاثة أميال عن المدينة أنشأها الإمام الكاظم.
2- الأنوار البهية، ص449 ـ 450.
3- بحار الأنوار، ج50، ص198.
4- الأنوار البهية، ص288 ـ 289.