بعض آثار وبركات المعصومة في قم
ترك وجود قبر السيدة المعصومة عليهما السلام في قم آثار وبركات متعددة حيث تنعمت
المدينة منذ أن دفنت فيها المعصومة عليها السلام بعمران ملحوظ من النواحي الثقافية،
والسياسية، والاجتماعية، والعمرانية والاقتصادية. ويمكن الوصول لهذه الحقيقة من
خلال مطالعة الجوانب التاريخية لهذه المقدسة. ويتضح الأمر إذا ما علمت أن بركات
وجودها قد تركت آثاراً واضحة ليس على قم فحسب بل على البلد بأجمعه.
عندما تصبح قم محط أنظار ملايين الزائرين والسياح والمجاورين فهذا يعني أن لها
بركات لا حدود لها. وإذا كان مرقد السيد المعصومة محط رحال عشاق أهل البيت عليهما
السلام من أنحاء العالم فإن الأمر لم يقتصر على ذلك إذ شد الرحال إليها الكثير من
الأشخاص حتى الذين لا يأتون للزيارة وذلك لما لهذه المدينة من عظمة وأهمية خاصة.
وقد تحدث الكثير من الغربيين الذين زاروا المدينة موضحين أهميتها والدور الذي يلعبه
مرقد السيدة المعصومة عليها السلام فيها.
يتحدث "اوجن فلاندن" السائح الفرنسي الذي زار إيران في أيام محمد شاع القاجاري عام
1219 ـ 1221هـ.ش يقول: "إن قبر فاطمة التي يطلق عليها الإيرانيون (المعصومة) يحظى
باهتمام المشرق بأجمعه حيث يتوافد الناس من الأكنا لزيارتها وهناك العديد من الملوك
الإيرانيين أمثال الشاه عباس الثاني، الشاه صفي وفتحعلى شاه، الذين دفنوا في قم"(1).
ويتحدث السائح الألماني (كارل بروكش) الذي زار إيران في القرن التاسع عشر الميلادي:
"تبدوا ملامح قم على بعد أميال عدة حيث أن قبة المرقد الذهبية تلقي بشعاع ضوءها إلى
أرجاء بعيدة. وكان ملوك إيران يرغبون في بناء المراقد من الذهب والفضة، والواقع أن
الإبداع الذهبي الذي نشهده في قبة المرقد تبعث على الحيرة وتأسر العيون. والمرقد
يزوره الأحياء والأموات الذين يتم إحضارهم إليه، لأن الكثير من الإيرانيين يوصون
بدفنهم إلى جوار المرقد بعد الموت. قم مدفن القديسين: وبناءً على ما يقول بعض أهل
قم فإن فيها ما يقرب من 444 ابن إمام كبير وصغير"(2).
على كل الأحوال بدأ الشيعة يتوافدون إلى هذه المدينة المقدسة بالأخص السادة بعد دفن
السيدة المعصومة فيها. ازدهرت المدينة وتوجه إليها الشيعة ومشاهير العلماء وكثرة
الهجرة إليها وتم تثبيت الموقع الديني للمدينة. قم من أشهر المدن الشيعية في العالم
ومن أبرز وأهم المدن في العالم الإسلامي ومن المراكز الثقافية والفقهية الهامة عند
الشيعة وهي مركز أهم ثورة إسلامية حصلت في التاريخ.
* مجلة مبلغان
(1) شهرية الكوثر، العدد 9، ص73 ـ
74.
(2) المصدر نفسه، العدد 12، ص65 ـ 66.