الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1644 23 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 26 تشرين الثاني 2024 م

ضياع القِيم في عصر الغَيبة

وللمظلوم عوناًالكلّ يحتاج إلى الصبر مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة
من نحن

 
 

 

التصنيفات
المعنى التربوي للأضحى المبارك
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق



العيد الذي شرعه الله لعباده هو مناسبة زمانية، ويحمل مجموعة معاني ضمن الإطار الديني وبسبب قيام العباد فيه لله تعالى، ويرشد إلى سلوكيات اجتماعية تعزز أواصر الترابط بين أبناء البشر وتؤدي إلى تخلية القلوب من الإحن والضغائن وتحليها بالرحمة والمحبة، مضافاً إلى كونه محطة في عمود الزمان تفسح المجال أمام الجميع ليخرجوا من برامجهم اليومية المؤدية إلى شيء من الملل أحياناً إلى أجواء يستعيدون فيها نشاطهم لتكمل دورة الحياة بنشاط أقوى وبعزيمة أنمى.

قال إبن الأعرابي: سُمّيَ العيد عيداً لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد(1). والعيد مشتقّ أو مأخوذ من العادة: اعتاده(2) أو من عاد، يعود، كأنهم عادوا إليه، ويقال: عيّدَ القوم: شهدوا عيدهم. وأعياد المسلمين أربعة، ثلاثة تعود في السنة مرة وواحد في كل أسبوع. أما الذي في كل أسبوع فيوم الجمعة وأما الثلاثة فعيد الفطر وعيد الغدير وعيد الأضحى، وهو في يوم العاشر من ذي الحجة. وقد جُمعت هذه الأعياد في رواية المفضل بن عمر عن الإمام الصادق حينما سأله عن عدد أعياد المسلمين فأجابه الإمام: أربعة أعياد، قال: قلت: قد عرفت العيدين والجمعة، فقال لي: أعظمها وأشرفها يوم الثامن عشر من ذي الحجة(3) (أي عيد الغدير).

الأضحى: تضحية وصبر
زمان عيد الأضحى يوم العاشر من ذي الحجة كما أسلفنا. ويعود منشؤه إلى عصر النبي إبراهيم عليه السلام. وقد نقل القرآن الكريم لنا آيات موزعة على عدة سور مباركة تحكي لنا المنشأ والسبب له، على النحو التالي: بعد أن سأل النبي إبراهيم عليه السلام ربه وهو في السادسة والثمانين من عمره أن يهبه ولداً صالحاً، وكان بعد هجرته المباركة، أجيبت دعوته وبُشّر بغلام سماه إسماعيل ﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ* رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (4)، وبعد أن شب إسماعيل وصار بمقدوره أن يأتي بمناسك الحج رأى والده في المنام أنه يذبحه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (5)، وبعد التصميم واتباع إرادة إبراهيم لإرادة ربه أضجعه على الأرض وتله للجبين ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ(6). بعد نجاحهما في هذا البلاء الكبير ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ (7). وبعد أن رضي الولد بأن يُذبح ورضي الوالد بأن يذبح ولده تنفيذاً للوحي الإلهي ﴿ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (8). فداه الله بذبح عظيم من الجنة ﴿ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ (9). وهكذا أصبحت الأضحية سنّة من سنن شيخ الأنبياء إبراهيم. وبعد ذلك صارت سنّة كل مسلم وأضحت شعيرة من شعائر الله ومنسكاً من مناسك الحج. ويمكن أن نستخلص من ذلك أن معنى الأضحى عند إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام هو التضحية والصبر عليها، صبر الوالد على ذبح ولده وصبر الولد على أن يُذبح بيد والده.

الأضحية من المنافع المشهودة:
من جملة المناسك الواجب على الحجاج أن يأتوا بها عقيب الإفاضة من عرفات والمزدلفة إلى منى أن يقدموا الأضاحي لله سبحانه ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ(10). فبعد أن ذكر الله سبحانه أن الأضحية المشهودة فيها منافع للحجيج بيّن أن كل فرد منهم يذكر الله سبحانه في تلك الأيام، وجعل الأضحية مورد رزق لهم يأكلون منها وأمرهم بأن يشركوا الآخرين فيها من خلال اهتمامهم بالفقراء والمساكين. وهنا تبرز لنا بوضوح المعاني العبادية والاجتماعية والتربوية.

المعنى الأول: العبادي
بعد عرض القرآن الكريم لقصة إبراهيم مع ولده إسماعيل والحديث عن كون التضحية منسكاً من مناسك الحج تبين بوضوح المعنى العبادي للأضحية إذ هي تنفيذ للأمر الإلهي مع الصبر والرضا به من الوالد والولد. وهذا مساوق للعمل العبادي. وبما أن مَن حج بيت الله مطلوب منه فرضاً أن يأتي بالأضحية بعد الإفاضة من عرفات المزدلفة، كما فرض عليه الطواف حول الكعبة والصلاة عندها، فحيثيتها العبادية تصبح أكثر وضوحاً. هذا كله مضافاً إلى الأعمال والآداب التي ينبغي الإتيان بها ليلة العيد ويومه كما سنشير إليها في الخاتمة. لا سيما مع ملاحظة خصوص استحباب الصلاة يوم العيد في عصر الغيبة وكذلك التهليل والتكبير والتحميد صبيحة العيد وما ذلك إلا للتأكيد على المعنى المذكور، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم "زينوا العيدين بالتهليل والتكبير والتحميد والتقديس"(11).

المعنى الثاني: الاجتماعي:
يوم العيد هو يوم التلاقي والتزاور بين الأرحام والجيران، وهو يوم الاهتمام بالفقراء والأيتام. وهل هناك أرقى من تصافح الأرحام الذي يزيل الضغائن والإحن من القلوب؟ وهل هناك ألطف من ملامسة اليد لشعر يتيم؟ وهل من شيء أهنأ للنفس من إشباع فقير لإزالة ألم الجوع من جوفه؟ فعن الإمام الباقر عليه السلام: "تزاوروا في بيوتكم فإن ذلك حياة لأمرنا. رحم الله عبداً أحيا أمرنا"(12). وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : "الزيارة تنبت المودة"(13). وعن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: "لقاء الإخوان مغنم جسيم وإن قلوا"(14).

المعنى الثالث: التربوي:
عندما يشعر المرء بالمسؤولية اتجاه الآخرين ويحبهم ويحب لهم ما يحب لنفسه فإنه لا ينبت في النفس إلا الحب ويقوي الإيمان وينسخ منها الكراهية والأنانية. وهذا بحد ذاته هدف كبير يرمي إليه الإنسان على مستوى التربية والتزكية، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "لا يؤمن عبد حتى يحب للناس ما يحب لنفسه من الخير".

تذييل: يستحب ليلة العيد ويومه مجموعة من الأعمال والآداب:
1 ـ التهليل والتكبير بعد صلاتي الصبح والعيد.
2 ـ الغسل، و مدته من طلوع الفجر إلى حين أداء صلاة العيد.
3 ـ التجمل والتطيب.
4 ـ الصلاة تحت السماء في غير مكة.
5 ـ زيارة الإمام الحسين عليه السلام.
6 ـ الأضحية.

فعن أمير المؤمنين "لو علم الناس ما في الأضحية لاستدانوا وضحوا، إنه ليغفر لصاحب الأضحية عند أول قطرة تقطر من دمها"(15).

مسك الختام لأمير المؤمنين: "كل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد"(16).


(1) لسان العرب، ج3، ص319، ابن منظور الدمشقي.
(2) المعجم الوسيط 635.
(3) الخصال، الصدوق، ص 264.
(4) سورة الصافات، الآيات: 99 ـ 101
(5) سورة الصافات، الآية: 102.
(6) سورة الصافات، الآية: 103.
(7) سورة الصافات، الآية: 106.
(8) سورة الصافات، الآية: 104.
(9) سورة الصافات، الآية: 107.
(10) سورة الحج، الآية: 28.
(11) كنز العمال 94 – 24.
(12) الخصال، الصدوق، ص22.
(13) بحار الأنوار، ج47، باب 12، ج61.
(14) بحار الأنوار، ج2، باب 91، ج61.
(15) بحار الأنوار، ج96، ص297.
(16) النهج 20 ـ 73.

24-10-2014 | 17-02 د | 1456 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net