إن معرفة أساليب التبليغ واستعمال الأدوات المفيدة، من جملة الأمور الضرورية التي
ينبغي أن يلتفت إليها المبلغ. أما الاشتغال بالتبليغ من دون معلومات مفيدة ومن دون
استخدام الأساليب الضرورية واللازمة فهو لا يترك أثراً ايجابياً بل قد يؤدي في
الكثير من الحالات إلى آثار سلبية كتوجيه ضربة قاسية لاعتقادات وأفكار المخاطبين.
أما إذا لم يتمكن المبلغ والمكلف بالإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من
الالتفات إلى الظروف والعوامل والآفات والموانع والشروط الزمانية والمكانية والجهات
الأخرى للتبليغ، فهذا يعني أن عمله لن يصل إلى أي نتيجة.
يقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : "من أمر بمعروف فليكن أمره ذلك
بمعروف"(1) وعلى هذا الأساس فإن التبليغ الموفق والمؤثر يحتاج إلى برامج متخصصة،
وإذا تمكنا من الحصول على هذه الأساليب من أقوال وأفعال أهل البيت والأولياء فهذا
يعني أنها ستكون أكثر تأثيراً. سنحاول في هذا المقال الإطلالة على أساليب التبليغ
المؤثرة بالاستفادة من سيرة الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه في عاشوراء.
1 ـ التواضع
التواضع هو أهم خصلة وصفة التصقت بالأنبياء العظام وطالبي التوحيد، وقد تمكن
الأنبياء من الدخول إلى قلوب المخاطبين الباحثين عن الحق والحقيقة بهذه الوسيلة.
والمبلغ الموفق هو المتواضع بشكل دائم ليتمكن بذلك من هداية وجذب قلوب الناس.
والمبلغ الموفق هو الذي يؤمن بأن الناس إذا لم يأتوا إليه فعليه هو الذهاب
إليهم.وقد ظهرت هذه الحالة الحسنة في سلوك وفعل الإمام الحسين عليه السلام وكان لها
تأثيراً خاصاً في حادثة عاشوراء. تقدم الإمام نحو الجميع بروح وسلوك يدل على مقدار
تواضعه ودعا الجميع الالتحاق بأهدافه المتعالية، لذلك نراه يخاطب الجميع سواء بشكل
مباشر وشفهي أو من خلال إرسال الكتب والرسائل أو من خلال أشخاص يرسلهم إلى أماكن
متعددة.
عندما كان الإمام الحسين عليه السلام يتحرك نحو كربلاء، وصل إلى محلة بإسم قصر بني
مقاتل وعلم حينها الإمام عليه السلام أن عبيد الله بن الحر الجعفي يتمركز في إحدى
جوانب تلك المنطقة. في هذه الأثناء أرسل الإمام إليه الحجاج بن مسروق حيث دعاه إلى
نصرته، وعندما لم يحصل على جواب مناسب، جهز الإمام نفسه وذهب إلى عبيد الله مع
مجموعة من أصحابه دعاه أثناء ذلك إلى نصرته ومواجهة الطاغوت، امتنع عبيد الله، عند
ذلك قال له الإمام عليه السلام : "فإن لم تنصرنا فاتق الله أن تكون ممن يقاتلنا،
والله لا يسمع واعيتنا أحد ثم لا ينصرنا إلا هلك".
* مجلة مبلغان
(1) كنز العمال، ج3، ص66، الحديث 5523.