الاستفادة من وسائل الاتصال
ينبغي أن يستفيد المبلّغ من وسائل الاتصال والإعلام المتطور بهدف الإرتقاء بأهدافه.
اليوم لا يكفي أن يصعد المبلغ المنبر ليحاضر ويتحدث في أمور دينية، بل عليه
الاستفادة من كافة الوسائل لإيصال نداء الحق إلى الناس وإلى المشتاقين. من جملة
الوسائل: الكتاب، المطبوعات، الراديو، التلفزيون، البرامج الكمبيوترية، المحاورات
واللقاءات على أنواعها، التواجد بين الأشخاص الذين لا يحضرون البرامج والمناسبات
الدينية.
وقد استفاد الإمام الحسين عليه السلام من أفضل وسائل الاتصال في عصره لتبليغ ثقافة
عاشوراء لذلك نرى أن الإمام عليه السلام اختار مراسم الحج وتحدث إلى الحجاج بهدف
إيصال فلسفة حركته إلى أسماع المسلمين. خاطب الإمام الحسين عليه السلام الحجيج في
منى موضحاً أهداف سياسته والمؤامرات التي يعمل عليها الأعداء. قال عليه السلام : "اسمعوا
مقالتي واكتبوا قولي ثم ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم فمن أمنّتم من الناس ووثقتم به
فادعوهم إلى ما تعلمون من حقنا فإني أتخوف أن يدرس هذا الأمر ويذهب الحق ويُغلب
والله متمّ نوره ولو كره الكافرون"1.
وفي حديث آخر للإمام عليه السلام بدأه بحمد الله والثناء عليه وتوضيح مقام أهل
البيت عليهم السلام وعلاقتهم بالله ورسوله... ثم بعد ذلك دعا الجميع للمشاركة في
ملحمة عاشوراء حتى قال: "من كان باذلاً فينا مهجته وموطناً على لقاء الله نفسه
فليرحل معنا، فإني راحل مصبحاً إن شاء الله تعالى"2.
وفي هذا الإطار أيضاً لا يجب الغفلة عن الدور الذي لعبه النساء والأطفال لإبلاغ
رسالة عاشوراء وإيصالها إلى الأجيال اللاحقة. لقد أحضر الإمام عليه السلام هؤلاء
ليكونوا سفراءه في إبلاغ رسالته إلى الأجيال اللاحقة. وكان هذا الأسلوب الذي اعتمده
الإمام عليه السلام أكثرها دقة وسلامة واطمئناناً لانتقال ما أراده الإمام.
التقديم وإعداد المخاطب
من الأمور الهامة والمؤثرة عند إلقاء المطالب وعرضها التقديم لها بمقدمة تساهم في
إعداد المخاطب للنقاط التي يجب إيصالها. ويؤدي هذا الأسلوب إلى إضفاء نوع من
الجاذبية على كلام المبلغ، وقد ظهر هذا الأسلوب في ثقافة عاشوراء أيضاً عندما تحدث
الإمام السجاد عليه السلام في المسجد الأموي في الشام فقدم لحديثه بمقدمة هامة مهد
فيها الطريق لإحياء ثقافة وفكر عاشوراء وقد أثرت على الحضور الذي عرف حقيقتهم بعد
أن كان يعتبرهم أسرى حرب، على أثر ذلك تعالت الصيحات والصراخ مما اعتبر تهديداً
لحكومة يزيد.
بدأ الإمام عليه السلام حديثه بحمد الله والثناء عليه وعلى الرسول الأكرم صلى الله
عليه وآله وسلم ، وأشار إلى عدم وفاء الدنيا ومرور الزمان وعمر الإنسان... إلى أن
قال عليه السلام : "من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني، فأنا علي بن الحسين بن
علي"3.
ثم قال عليه السلام : "أيها الناس! أنا بن مكة ومنى، أنا بن المروة والصفا، أنا بن
من صلى بملائكة السماء..."4.
تحدث الإمام عليه السلام إلى الناس وعرفهم بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم
وبالإمام علي عليه السلام ، ثم أوضح لهم حقيقة حادثة عاشوراء التي كانت ما تزال
مجهولة لديهم، ثم خاطب عقولهم وأرواحهم وعواطفهم فقال: "أنا بن المقتول ظلماً، أنا
بن المجزور الرأس من القفا، أنا بن العطشان حتى قضى، أنا بن طريح كربلا، أنا بن
مسلوب العمامة والرداء، أنا بن من بكت عليه ملائكة السماء"5.
* مجلة مبلغان
1- قاموس كلمات الإمام الحسين عليه
السلام ، ص262.
2- كشف الغمة، ج2، ص29، اللهوف لابن طاووس، ص114.
3- نور العين في مشهد الحسين عليه السلام ، أبو إسحاق الاسفرائيني، ص69.
4- المصدر نفسه.
5- المصدر نفسه، ص70.